نحن فيه من ضيق أو ينقذنا من هلكة ، ولا صديق شفيق بعنيه أمرنا ويودنا ونوده.
ونحو الآية ما جاء فى آية أخرى حكاية عنهم : «فَهَلْ لَنا مِنْ شُفَعاءَ فَيَشْفَعُوا لَنا أَوْ نُرَدُّ فَنَعْمَلَ غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ».
وقد أرادوا بهذا الإخبار إظهار اللهفة والحسرة على فقد الشفيع والصديق النافع ، وقد نفوا أولا أن يكون لهم من ينفعهم فى تخليصهم من العذاب بشفاعته ، ثم ترقّوا ونفوا أن يكون لهم من يهمه أمرهم ويشفق عليهم ويتوجع لهم وإن لم يخلصهم.
والخلاصة ـ إن الأمر قد بلغ من الهول ما لا يستطيع أحد أن ينفع فيه أدنى نفع.
ثم حكى الله عنهم تمنيهم الرجوع إلى الدنيا ليعملوا بطاعة ربهم فيما يزعمون ، والله يعلم إنهم لو ردوا لعادوا إلى ما نهوا عنه وإنهم لكاذبون فقال :
(فَلَوْ أَنَّ لَنا كَرَّةً فَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ) أي ليت لنا رجعة إلى الدنيا فنعمل صالحا غير الذي كنا نعمل ، حتى إذا متنا وبعثنا مرة أخرى لا ينالنا من العذاب مثل ما نحن فيه.
(إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً وَما كانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ)) أي إن فى محاجة إبراهيم لقومه وإقامة الحجة عليهم فى التوحيد ـ لآية واضحة جلية على أنه تعالى لا رب غيره ، ولا معبود سواه ، ومع كل هذا ما آمن به أكثرهم.
وفى هذا تسلية للرسول صلى الله عليه وسلم على ما يجده من تكذيب قومه له مع ظهور الآيات وعظيم المعجزات.
(وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ) أي وإن ربك المحسن إليهم بإرسالك لهدايتهم ـ لهو القادر على الانتقام منهم ، الرحيم بهم إذ لم يهلكهم ، بل أخّر ذلك وأرسل إليهم الرسل ونصب لهم الشرائع ، ليؤمنوا بها هم أو ذريتهم.