أَلَمْ نَكُنْ مَعَكُمْ؟ وَإِنْ كانَ لِلْكافِرِينَ نَصِيبٌ قالُوا أَلَمْ نَسْتَحْوِذْ عَلَيْكُمْ وَنَمْنَعْكُمْ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ؟».
ثم توعدهم وذكر أنه عليم بما فى صدورهم ، لا يخفى عليه شىء من أمرهم فقال :
(أَوَلَيْسَ اللهُ بِأَعْلَمَ بِما فِي صُدُورِ الْعالَمِينَ؟) أي أو ليس الله أعلم بما فى قلوب المنافقين وما تكنّه صدورهم ، وإن أظهروا لكم الموافقة على الإيمان ، فكيف يخادعون من لا تخفى عليه خافية ، ولا يستتر عنه سر؟.
ثم ذكر أن هذه الفتنة إنما هى ابتلاء واختبار من الله ، ليستبين صادق الإيمان من المنافق ، الذي لا يتجاوز الإيمان طرف لسانه ، ولا يعدوه إلى قلبه فقال :
(وَلَيَعْلَمَنَّ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْمُنافِقِينَ) أي وليختبرن الله عباده بالسراء والضراء ، ليميز صادق الإيمان من المنافق ، من يطيع الله فى كل حال فيصبر على اللأواء إذا مسته ، ويعدّها اختبارا له ، وأنه سيثاب عليها إذا هو فوّض الأمر فيها إليه ، ومن يعصيه إذا حزبه الأمر ، واشتد به الخطب ، ولا يجد الصبر إلى قلبه سبيلا.
ونحو الآية قوله : «وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجاهِدِينَ مِنْكُمْ وَالصَّابِرِينَ وَنَبْلُوَا أَخْبارَكُمْ» وقوله : «ما كانَ اللهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلى ما أَنْتُمْ عَلَيْهِ حَتَّى يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ».
(وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا اتَّبِعُوا سَبِيلَنا وَلْنَحْمِلْ خَطاياكُمْ وَما هُمْ بِحامِلِينَ مِنْ خَطاياهُمْ مِنْ شَيْءٍ إِنَّهُمْ لَكاذِبُونَ (١٢) وَلَيَحْمِلُنَّ أَثْقالَهُمْ وَأَثْقالاً مَعَ أَثْقالِهِمْ وَلَيُسْئَلُنَّ يَوْمَ الْقِيامَةِ عَمَّا كانُوا يَفْتَرُونَ (١٣))