إن كان لديكم ذرة من الإدراك والعلم ، تميزون بها الخير من الشر ، وتعلمون ما ينفعكم فى مستأنف حياتكم الدنيوية والأخروية.
ثم أرشدهم إلى فضل ما يدعوهم إليه ، وفساد ما هم عليه بقوله :
(إِنَّما تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ أَوْثاناً وَتَخْلُقُونَ إِفْكاً) أي ما تعبدون من دون الله إلا تماثيل هى مصنوعة بأيديكم ، وتكذبون حين تسمّونها آلهة ، وتدّعون أنها تشفع لكم عند ربكم.
ثم زاد فى النعي عليهم والتهكم بهم ، وبيان أن ذلك لا يجديهم نفعا فقال :
(إِنَّ الَّذِينَ تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ لا يَمْلِكُونَ لَكُمْ رِزْقاً) أي إن أوثانكم التي تعبدونها لا تقدر أن ترزقكم شيئا من الرزق الذي لا قوام لكم بدونه ، فكيف تعبدونها؟
ثم ذكر لهم من ينبغى أن يعبد فقال :
(فَابْتَغُوا عِنْدَ اللهِ الرِّزْقَ وَاعْبُدُوهُ وَاشْكُرُوا لَهُ) أي فالتمسوا الرزق عند الله لا عند أوثانكم تدركوا ما تطلبون ، واعبدوه وحده ، واشكروا له نعمه عليكم مستجلبين بذلك المزيد من فضله.
وبعد أن ذكر أنه هو الرازق فى الدنيا والمنعم على عباده ، بين أن المرجع إليه فى الآخرة ؛ فهو الذي يطلب رضاه ، والتقرب إليه ، والزلفى عنده ، فقال :
(إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ) أي واستعدوا للقائه تعالى بالعبادة والشكر له ، فإنكم إليه ترجعون ؛ فيسألكم عما أنتم عليه من عبادتكم غيره ، وأنتم عباده وخلقه ؛ وفى نعمه تتقلبون ، ومن رزقه تأكلون.
ولما فرغ من إرشادهم إلى الدين الحق ؛ حذّرهم من تركه ، وهددهم بما حل بمن قبلهم من المكذبين للرسل فقال :
(وَإِنْ تُكَذِّبُوا فَقَدْ كَذَّبَ أُمَمٌ مِنْ قَبْلِكُمْ) أي وإن تصدقونى فقد فزتم بسعادة الدارين ، وإن تكذبونى فيما أخبرتكم به فلا تضرونى بتكذيبكم ، فقد كذب أمم