(بَلْ هُمْ فِي شَكٍّ مِنْها) أي بل هم فى حيرة عظيمة من تحققها ووجودها ، أكائنة هى أم غير كائنة؟ كمن يحار فى الأمر لا يجد عليه دليلا ، فضلا عن تصديق ما سيحدث فيها من شئون أخبرت عنها الكتب السماوية كالثواب والعقاب ، والنعيم والعذاب والأهوال التي لا يدرك كنهها العقل.
ثم ارتقى من وصفهم بالشك فى أمرها إلى وصفهم بالعمى واختلال البصيرة بحيث لا يدركون الدلائل التي تدل على أنها كائنة لا محالة فقال :
(بَلْ هُمْ مِنْها عَمُونَ) أي بل هم فى عماية وجهل عظيم من أمرها ، وعن كل ما يوصلهم إلى الحق فى شأنها ، والنظر فى دلائلها
(وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَإِذا كُنَّا تُراباً وَآباؤُنا أَإِنَّا لَمُخْرَجُونَ (٦٧) لَقَدْ وُعِدْنا هذا نَحْنُ وَآباؤُنا مِنْ قَبْلُ إِنْ هذا إِلاَّ أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ (٦٨) قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الْمُجْرِمِينَ (٦٩) وَلا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَلا تَكُنْ فِي ضَيْقٍ مِمَّا يَمْكُرُونَ (٧٠) وَيَقُولُونَ مَتى هذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ (٧١) قُلْ عَسى أَنْ يَكُونَ رَدِفَ لَكُمْ بَعْضُ الَّذِي تَسْتَعْجِلُونَ (٧٢) وَإِنَّ رَبَّكَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَشْكُرُونَ (٧٣) وَإِنَّ رَبَّكَ لَيَعْلَمُ ما تُكِنُّ صُدُورُهُمْ وَما يُعْلِنُونَ (٧٤) وَما مِنْ غائِبَةٍ فِي السَّماءِ وَالْأَرْضِ إِلاَّ فِي كِتابٍ مُبِينٍ (٧٥))
المعنى الجملي
بعد أن ذكر عزّ اسمه فيما سلف جهلهم بالآخرة وعما هم عنها ـ أردف ذلك بيان ذلك وإيضاحه بأنهم ينكرون الإخراج من القبور بعد أن صاروا ترابا ، وأنهم قالوا