(قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الْمُجْرِمِينَ) أي قل لهؤلاء المكذبين بما جئتهم به من الأنباء من عند ربك : سيروا فى الأرض فانظروا إلى ديار من كان قبلكم من المكذبين ، كيف هى؟ ألم يخرّ بها الله ويهلك أهلها بتكذيبهم رسلهم ، وردّهم عليهم نصائحهم ، فخلت منهم الديار ، وعفت منها الرسوم والآثار ، وكان ذلك عاقبة إجرامهم ، وتلك سنة الله فى كل من سلك سبيلهم فى تكذيب رسله ، وسيفعل ذلك بكم إن أنتم لم تبادروا إلى الإنابة من كفركم وتكذيبكم رسوله.
ثم صلّى رسوله صلى الله عليه وسلم على ما يناله من عماهم عن السبيل ، الذي هدى إليه الدليل فقال :
(وَلا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَلا تَكُنْ فِي ضَيْقٍ مِمَّا يَمْكُرُونَ) أي ولا تحزن على إدبار هؤلاء المشركين عنك وتكذيبهم لك ، ولا يضق صدرك من مكرهم ، فإن الله ناصرك عليهم ، ومظهر دينك على من خالفه فى المشارق والمغارب.
ثم أشار إلى أنهم لم يقصروا إنكارهم على الساعة ، بل كان إنكارهم لغيرها من عذاب الله أشد بقوله :
(وَيَقُولُونَ مَتى هذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ) أي ويقول مشركو قريش المكذبون بما أتيتهم به من عند ربك : متى يكون هذا العذاب الذي تعدنا به؟ إن كنتم صادقين فيما تدّعون؟.
ثم أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يجيبهم فقال :
(قُلْ عَسى أَنْ يَكُونَ رَدِفَ لَكُمْ بَعْضُ الَّذِي تَسْتَعْجِلُونَ) أي قل لهم : عسى أن يلحقكم ويصل إليكم بعض ما تستعجلون حلوله من العذاب ، والمراد به ما حل بهم يوم بدر من النكال والوبال.
قال صاحب الكشاف : عسى ولعل وسوف ، فى وعد الملوك ووعيدهم تدل على صدق الأمر وجدّه ، وما لا مجال للشك بعده ، وإنما يعنون بذلك إظهار وقارهم ،