دكت عند النفخة الأولى ، فتسييرها إنما يكون لدى النفخة الثانية كما نطق به قوله : «فَقُلْ يَنْسِفُها رَبِّي نَسْفاً» وقوله : «يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ».
ثم علل إمكان ذلك وسرعة حصوله بقوله :
(صُنْعَ اللهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ) أي ذلك الصنع العظيم صنع الله الذي أحكم كل شىء وأودع فيه من الحكمة ما أودع.
ثم علل ما تقدم من النفخ فى الصور والقيام للحساب ومجازاة العباد على أعمالهم بقوله :
(إِنَّهُ خَبِيرٌ بِما تَفْعَلُونَ) أي إنه تعالى ذو علم وخبرة بما يفعل عباده من خير وشر ، وطاعة ومعصية ، وهو مجازيهم على ذلك أتم الجزاء.
ثم بين حال السعداء والأشقياء يومئذ فقال :
(مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ خَيْرٌ مِنْها) أي من آمن بالله وعمل صالحا فله على ذلك جزيل الثواب من عند ربه فى جنات النعيم ، يأمن من الفزع الأكبر يوم القيامة كما جاء فى الآية : «لا يَحْزُنُهُمُ الْفَزَعُ الْأَكْبَرُ» وقال : «أَفَمَنْ يُلْقى فِي النَّارِ خَيْرٌ أَمْ مَنْ يَأْتِي آمِناً يَوْمَ الْقِيامَةِ؟» وقال : «وَهُمْ فِي الْغُرُفاتِ آمِنُونَ» وقد صح تفسير الحسنة هنا بشهادة أن لا إله إلا الله ، على ما رواه ابن عباس وابن مسعود ومجاهد والحسن.
(وَمَنْ جاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَكُبَّتْ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ) أي ومن أشركوا بالله وعملوا السيئات يكبّون على وجوههم فى جهنم ويطرحون فيها.
ونحو الآية قوله : «فَكُبْكِبُوا فِيها هُمْ وَالْغاوُونَ».
ثم ذكر ما يقال لهم حينئذ فقال :
(هَلْ تُجْزَوْنَ إِلَّا ما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ؟) أي ويقال لهم : هل هذا إلا جزاء ما كنتم تعملون فى الدنيا ، مما يسخط ربكم ويغضبه منكم من شرك به ومعصية له.