وفى هذا تأنيب لهم على ما يفعلون من أنواع الفجور وفظيع المنكرات ، فإنهم قد تركوا عبادة رب مكة ، ونصبوا الأوثان فيها ، وعكفوا على عبادتها.
(وَلَهُ كُلُّ شَيْءٍ) خلقا وملكا وتصرفا دون أن يشركه فى ذلك أحد.
(وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ) أي وأمرنى ربى أن أسلم وجهى له ، فأكون من الموحدين المخلصين المنقادين لأمره المخبتين له فى الطاعة.
ونحو الآية قوله : «قُلْ إِنَّنِي هَدانِي رَبِّي إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ دِيناً قِيَماً مِلَّةَ إِبْراهِيمَ حَنِيفاً وَما كانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ».
(وَأَنْ أَتْلُوَا الْقُرْآنَ) آناء الليل وأطراف النهار ، لتنكشف لى أسراره المخزونة فى تضاعيفه ، وأستطلع أدلة الكون المتفرّقة فى آية ، فأعرف حقائق الحياة ، وسر الوجود ، ويفاض علىّ من فيوضاته الإلهية ، وأسراره القدسية ما شاء الله أن يفيض.
وقد روى «أنه صلى الله عليه وسلم قام ليلة يصلى فقرأ قوله تعالى «إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبادُكَ» فما زال يكررها ويظهر له من أسرارها ما يظهر ، ويتجلّى له من مقاصدها ما تسمو به نفسه إلى الملإ الأعلى حتى طلع الفجر».
ونحو الآية : «ذلِكَ نَتْلُوهُ عَلَيْكَ مِنَ الْآياتِ وَالذِّكْرِ الْحَكِيمِ».
(فَمَنِ اهْتَدى فَإِنَّما يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ) أي فمن اتبعنى واهتدى بهداي وآمن بي وبما جئت به فقد سلك سبيل الرشاد ، وأمن نقمة ربه فى الدنيا وعذابه فى الآخرة.
(وَمَنْ ضَلَّ فَقُلْ إِنَّما أَنَا مِنَ الْمُنْذِرِينَ) أي ومن جار عن قصد السبيل بتكذيبه بي وبما جئت به من عند الله ، فقل إنما أنا من المنذرين فحسب ، وقد خرجت من عهدة الإنذار ، وليس علىّ من وبال ضلالكم من شىء ، فإن قبلتم وانتهيتم عما يكرهه ربكم من الشرك ، فحظوظ أنفسكم تصيبون ، وإن كذبتم وأعرضتم عما أدعوكم إليه فعلى أنفسكم تجنون ، وقد بلّغتكم ما أمرت بإبلاغه إياكم.
ونحو الآية قوله : «فَإِنَّما عَلَيْكَ الْبَلاغُ وَعَلَيْنَا الْحِسابُ» وقوله : «إِنَّما أَنْتَ نَذِيرٌ ، وَاللهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ».