أي تميل وتعدل ، يوم الوعيد : أي يوم إنجاز الوعيد ، السائق والشهيد : ملكان أحدهما يسوق النفس إلى أمر الله ، والآخر : يشهد عليها بعملها ، والغطاء : الحجاب المغطى لأمور المعاد ، وهو الغفلة والانهماك فى اللذات وقصر النظر عليها ، حديد : أي نافذ ، لزوال المانع للابصار.
المعنى الجملي
بعد أن استدل على إمكان البعث بقوله : أفعيينا بالخلق الأوّل ـ أردف ذلك دليلا آخر على إمكانه وهو علمه بما فى صدورهم وعدم خفاء شىء من أمرهم عليه ، فإن من كان كذلك لا يبعد أن يعيدهم كرة أخرى ، ثم أخبر بأنهم سيعلمون بعد الموت أن ما جاء به الدين حق لا شك فيه ، وأنه يوم القيامة تأتى كل نفس ومعها ملكان أحدهما سائق لها إلى المحشر والثاني شهيد عليها ، وأن الخزنة سيقولون لأهل النار : لقد كنتم فى غفلة عن حلول هذا اليوم الذي توفّى فيه كل نفس جزاء ما عملت ، والآن أزلنا عنكم هذه الغفلة فأبصرتم عاقبة أمركم.
الإيضاح
(وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ وَنَعْلَمُ ما تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ) أي إنه تعالى قادر على بعث الإنسان ، لأنه خالقه وعالم بجميع أموره حتى إنه ليعلم ما توسوس به نفسه من الخير والشر ولا عقاب على حديث النفس ، وقد ثبت فى الصحيح عن رسول الله صلّى الله عليه وسلم أنه قال : «إن الله تجاوز لأمتى ما حدّثت به أنفسها ما لم تقل أو تفعل».
(وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ) أي ونحن أعلم به وبخفيات أحواله لا يخفى علينا شىء من أمره ، من علمكم بحبل الوريد ، لأن العرق تحجبه أجزاء من اللحم ، وعلم الله لا يحجب عنه شىء.