أخرج ابن مردويه عن أبى سعيد عن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال «نزل الله من ابن آدم أربع منازل ، هو أقرب إليه من حبل الوريد ، وهو يحول بين المرء وقلبه ، وهو آخذ بناصية كل دابة ، وهو معهم أينما كانوا».
قال القشيري : فى هذه الآية ـ هيبة وفزع وخوف لقوم ، وروح وأنس وسكون قلب لقوم.
ثم ذكر سبحانه أنه مع علمه به وكل به ملكين يكتبان ويحفظان عليه عمله إلزاما للحجة فقال :
(إِذْ يَتَلَقَّى الْمُتَلَقِّيانِ) أي نحن أعلم بحاله من كل قريب حين يتلقن الحفيظان ما يتلفظ به ، مع أننا أغنياء عن استحفاظ الملكين لشدة قربنا منه.
(عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمالِ قَعِيدٌ) أي عن اليمين قعيد وعن الشمال قعيد أي مقاعد ومجالس له يترصد ما يقول ويعمل ، فالذى عن اليمين يكتب الحسنات ، والذي عن الشمال يكتب السيئات.
قال الحسن وقتادة : المتلقيان ملكان يتلقيان عملك : أحدهما عن يمينك يكتب حسناتك ، والآخر عن شمالك يكتب سيئاتك.
ثم ذكر عملهما واستعدادهما لأدائه فقال :
(ما يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ) أي لا يلفظ بكلمة من فيه إلا لديه ملك حاضر معه مراقب لأعماله ، يكتب ما فيه ثوابه أو عقابه.
قال الحسن البصري وتلا هذه الآية : «عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمالِ قَعِيدٌ» يا بن آدم بسطت لك صحيفة ، ووكل بك ملكان كريمان ، أحدهما عن يمينك ، والآخر عن شمالك ، فأما الذي عن يمينك فيحفظ حسناتك ، وأما الذي عن يسارك فيحفظ سيئاتك ، فاعمل ما شئت ، أقلل أو أكثر ، حتى إذا متّ طويت صحيفتك وجعلت فى عنقك