الأعمال ، خشية من ربهم وطلبا لرضاه ، ومن ثم نالوا هذا الفوز العظيم ، والمكرمة التي فاقت ما كانوا يؤملون ويرجون.
ونحو الآية قوله : «كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئاً بِما أَسْلَفْتُمْ فِي الْأَيَّامِ الْخالِيَةِ» ، ثم فصل ما أحسنوا فيه فقال :
(كانُوا قَلِيلاً مِنَ اللَّيْلِ ما يَهْجَعُونَ) أي كانوا ينامون القليل من الليل ويتهجدون فى معظمه ، قال ابن عباس : ما تأتى عليهم ليلة ينامون حتى يصبحوا إلا يصلون فيها شيئا إما من أولها أو من وسطها ، وقال الحسن البصري : كابدوا قيام الليل ، فلا ينامون من الليل إلا أقله ، وربما نشطوا فجدّوا إلى السحر. وعن أنس قال : كانوا يصلون بين المغرب والعشاء.
(وَبِالْأَسْحارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ) أي فهم يحيون الليل متهجدين ، فإذا أسحروا أخذوا فى الاستغفار كأنهم أسلفوا فى ليلهم الجرائم.
ولما ذكر أنهم يقيمون الصلاة ثنى بوصفهم بأداء الزكاة والبر بالفقراء فقال :
(وَفِي أَمْوالِهِمْ حَقٌّ لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ) أي وجعلوا فى أموالهم جزءا معينا ميزوه وعزلوه للطالب المحتاج ، والمتعفف الذي لا يجد ما يغنيه ، ولا يسأل الناس ، ولا يفطنون إليه ليتصدقوا عليه.
أخرج ابن جرير وابن مردويه عن أبى هريرة قال : قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم «ليس المسكين الذي تردّه التمرة والتمرتان والأكلة والأكلتان ، قيل فمن المسكين؟
قال الذي ليس له ما يغنيه ، ولا يعلم مكانه فيتصدق عليه ، فذلك المحروم».
وبعد أن ذكر أوصاف المتقين بين أنه قد لاحت لهم الأدلة الأرضية والسماوية التي بها أخبتوا إلى ربهم وأنابوا إليه فقال :
(وَفِي الْأَرْضِ آياتٌ لِلْمُوقِنِينَ) أي وفى الأرض دلائل على وجود الخالق وعظيم