وهو أنّ النفل المضرّ بالفرض منفي في الشريعة ، سيّما مثل هذا الفرض.
وهو حقوق الناس التي هي أشدّ من حقوق الله بمراتب ، بل الميزان والحساب والعقاب جلّها في حقوق الناس ، كما لا يخفى على المطّلع بالأخبار.
بل من لاحظ الأخبار الواردة في مذمّة الدين ، وشدّة خطره ، ونهاية الاهتمام في تركه بالنسبة إلى من لم يكن ما يوفيه موجودا عنده (١) ، وغير ذلك يظهر عليه حقيقة ما قاله ، من أنّ النفل لا يضرّ بالفرض.
هذا كلّه ؛ مضافا إلى أنّ الفرض لا يسامح في دليله أصلا ، وأدلّة الزكاة المفروضة من القوّة بمكان ، من جهة العمومات والخصوصات والإجماع ، والمرسلة مع شذوذها وإرسالها لا يجوز أحد منهم الاستدلال بها في حكم الفريضة نفيا وإثباتا.
نعم ؛ في المستحبّات يسامحون في أدلّتها لا غيرها ، فلأجل ما ذكر جعل مقدار النص ، ومورده في المرسلة في خصوص زكاة التجارة.
على أنّ الظاهر ؛ أنّ مراد الشهيد ممّا ذكره ، من أنّ الشيخ في «الخلاف» ما تمسّك إلّا بإطلاق الأخبار هو الإطلاق بالنسبة إلى زكاة التجارة لا مطلق الزكاة (٢) ، لأنّ الشيخ روى الأخبار الخاصّة في أنّ الدين لا يمنع الزكاة (٣) ، وهي حسنة زرارة عن الباقر عليهالسلام ورواية ضريس عن الصادق عليهالسلام (٤) ، وغيرهما ممّا ستعرف.
والشهيد مطّلع على الروايات المذكورة قطعا ، فكيف يقول : إنّ ما دلّ على عدم المانعيّة هو خصوص المطلقات ، بخلاف ما في «الجعفريّات» فإنّه نصّ؟
__________________
(١) وسائل الشيعة : ١٨ / ٣١٥ الباب ١ من أبواب الدين والقرض.
(٢) البيان : ٣٠٩.
(٣) تهذيب الأحكام : ٤ / ٣١ ـ ٣٤ الباب ٩.
(٤) وسائل الشيعة : ٩ / ١٠٠ الحديث ١١٦٢٥ و ١٠٤ الحديث ١١٦٣٦.