وممّا ذكر أيضا يظهر أنّ توقّف الشهيد ليس إلّا في خصوص زكاة التجارة على ما صرّح به.
على أنّا نقول : مضافا إلى جميع ما ذكرناه أنّ عبارة المرسلة أنسب إلى زكاة التجارة من مطلق القدر المشترك بينها ، وبين خصوص زكاة الفضّة ، من جهة أنّ الأظهر منها اشتراط بقاء مائتين ، مع عدم اشتراط خصوص جنس في مطلوبيّة الزكاة فيها له ، وعدم اعتبارها كما هو الحال في زكاة المفروضة.
فإنّ الفضة وإن كان الشرط بقاء مائتين ، لكن مع اشتراط كونه فضّة ، فلو تبدّل بالذهب لم يكن كذلك.
وأمّا الذهب والأنعام والغلّات ، فلم يشترط في واحد منها بقاء مأتين قطعا ، فاتّضح أنّ ما ذكره من خواص زكاة التجارة ، مع أنّ ما دلّ على أنّ الدين لا يمنع من زكاته ظاهر في الزكاة المفروضة ، فلذا قال الشهيد : ما تمسّك إلّا بإطلاق الأخبار الموجبة للزكاة ، فإنّ رواية زرارة وضريس عن الباقر عليهالسلام والصادق عليهالسلام هكذا أنّهما قالا : «أيّما رجل كان له مال موضوع حتّى يحول عليه الحول فإنّه يزكّيه ، فإن كان عليه من الدين مثله ، وأكثر منه فليزكّ ما في يده» (١).
وكذلك الحال في الأخبار التي ذكرناها في شرح قول المصنّف : «وزكاة المقرض على المقترض» ، فإنّ الظاهر منها وجوب الزكاة على المستقرض ، مضافا إلى ظهور اشتراط كون المال موضوعا عنده أيضا من بعضها ، فلاحظ!
فاتّضح ممّا ذكرنا أنّ مراد الشهيد من قوله : وهذا نصّ في منع الدين الزكاة (٢) ، المهملة المرادفة للجزئيّة ، أي في الجملة بأنّ اللام للعهد الذهني لا الحسّي
__________________
(١) الكافي : ٣ / ٥٢٢ الحديث ١٣ ، وسائل الشيعة : ٩ / ١٠٤ الحديث ١١٦٣٦.
(٢) البيان : ٣٠٩.