وكذا من ملاحظة رواية الأعمش ، كون الصحيحة مخالفة للعامّة في زمان الصدور.
ويعضده كلّ واحد واحد من الوجوه التي ذكرناها في رواية الفضلاء ، وعرفتها أنّها موافقة للعامّة بلا شكّ ولا ريبة.
نعم ؛ يمكن ترجيحها على الصحيحة من جهة الدلالة ، لكونها صريحة فيها ، وظاهرة في الصحيحة.
والظاهر لا يعارض الصحيح الصريح ، بل منع بعض الأفاضل (١) الظهور أيضا ، فحكم بعدم التعارض ، معلّلا بخلوّ الصحيحة عن تعرّض ذكر زيادة الواحدة على ثلاث مائة. فإنّ قوله : فإذا زادت واحدة ففيها ثلاث من الغنم إلى ثلاث مائة ، يقتضي كون بلوغ ثلاث مائة غاية لفرض الثلاثة ، داخلة في المغيّى ، كما هو الشأن في أكثر الغايات الواقعة فيه ، وفي غيره من الغايات المتضمّنة لبيان نصب الإبل والغنم.
والكلام الذي بعده يقتضي إناطة الحكم بثبوت وصف الكثرة ، وفرض زيادة الواحدة ليس من الكثرة في شيء ، فلا يتناوله الحكم حتّى يقع التعارض.
بل يكون خبر الفضلاء مشتملا على بيان حكم لم يتعرّض له في الصحيحة ، لحكمة ولعلّه للتقيّة (٢) انتهى.
أقول : ويؤيّده أنّ المعصوم عليهالسلام جعل الغاية نفس ثلاث مائة لا بلوغها ، ولا أوّلها وأمثالهما من العبارة ، لأنّ الأصل عدم التقدير ، مضافا إلى سياق العبارة.
فإنّ عشرين ومائة في النصاب الثاني ، والمائتين في النصاب الثالث ، لا شكّ
__________________
(١) منتهى الجمان : ٢ / ٣٧٨.
(٢) ذخيرة المعاد : ٤٣٤ و ٤٣٥.