عليه أن يعطي من العين ، بل له أن يعطي القيمة ، كما له أن يعطي من الخارج بلا تأمّل ، لأنّ السنّ الموجود عنده لا يتعيّن كونه زكاة بلا شبهة ، إذ لو كان كذلك ، لكان يسقط من ذمّته الزكاة إذا مات أو تلف ، بمجرّد حؤول الحول ، ولا يمكنه نقله ، وغير ذلك.
مع أنّه بحسب العادة يكون الفقير في غاية الرضا والممنونيّة بكلّ ما أعطاه المالك ، مع أنّ الفقير لا يطّلع غالبا وعادة على مال المالك كمّا وكيفا ، ولا عليه مطالبته في الاطّلاع.
مع أنّ المالك مصدّق في عدم وجوب الزكاة عليه ، على حسب ما ظهر من الحديث المتضمّن لحكاية بعث أمير المؤمنين عليهالسلام (١) ، مضافا إلى أصالة حمل أفعال المسلم على الصحّة حتّى يظهر خلافه ، إلّا في مقام الدعاوي والتحاكم.
فلعلّ مرادهم وقوع التشاحّ بين المالك وخصوص الساعي ، كما يظهر من عبارة «المبسوط» التي ذكرناها (٢) ، فإنّ الساعي له التشاحّ في الصورة التي نعته الإمام عليهالسلام في أخذ الزكاة ، واعترف المالك باشتغال ذمّته ، وأدخله في أنعامه ، ولذا قال المحقّق : وليس للساعي منع المالك (٣) ، ولعلّ غيره أيضا قال كذلك.
ولا شكّ في أنّ الشيخ وموافقيه عملوا برواية بعث أمير المؤمنين عليهالسلام الساعي ، ورواية محمّد بن خالد ، وعرفت وضوح دلالتهما على تسلّط الساعي في التخصيص ، والتخصيص بالتخيير (٤) ، لكن ظهر منها أنّ المالك إذا اشتهى خلاف ما اختاره ، يكون الساعي يعطيه ما يشتهيه.
__________________
(١) الكافي : ٣ / ٥٣٦ الحديث ١ ، وسائل الشيعة : ٩ / ١٢٩ الحديث ١١٦٧٨.
(٢) المبسوط : ١ / ١٩٥.
(٣) شرائع الإسلام : ١ / ١٤٧.
(٤) راجع! الصفحة : ٢٦٧ و ٢٦٨ من هذا الكتاب.