أقول : الفائدة غير منحصرة فيما ذكر ، بل الفرق بينهما أوضح من أن يحتاج إلى ذكر هذه الفائدة وأمثالها ، وإلى ما ذكره ذهب في «الشرائع» ومختصره أيضا (١).
فما في «البيان» من أنّ ابن الجنيد والمحقّق اشترطا التسمية عنبا وتمرا (٢) ، لعلّه من سهو القلم ، إذ لم يعهد من المحقّق فتوى في المقام وغالب المقامات من غير كتبه الثلاثة ، مع أنّه لا وجه لترك ذكر فتواه في جميع كتبه الثلاثة المشهورة المعتبرة ، المعلوم على سبيل القطع كونها منه ، والتعرّض بما لم يعهد ، ولم يعرف أصلا ، والاقتصار عليه ، والاكتفاء به ، وجعل المذهب منحصرا في المشهور ، واشتراط التسمية عنبا وتمرا ، كما هو الظاهر منه.
فيه مع أنّه لم يعهد من ابن الجنيد أيضا ما ذكره ، ولم ينسبه أحد إليه ، والعلّامة في «المنتهى» أسند ـ ما اختاره المحقّق ـ في كتبه إلى ابن الجنيد ، وإلى بعض علمائنا ، وظاهر أنّ مراده منه المحقّق رحمهالله ، ثمّ قال : وكان والدي رحمهالله يذهب إلى هذا (٣).
وقال المحقّق الشيخ مفلح في شرحه على «الشرائع» بعد ما ذكر المذهب المشهور : وقال ابن الجنيد : إنّما يجب عند تسميته حنطة أو شعيرا أو تمرا أو زبيبا ، واختاره المصنّف لأصالة براءة الذمّة من الوجوب ، إلّا مع تحقّق السبب ، ولا يتعيّن قبل كونه تمرا ، لتعلّق الوجوب بما سمّي تمرا لا ما سمّي بسرا ، ثمّ قال : واحتجّ الباقون بأنّ البسر سمّي تمرا لغة ، والمرجع إلى اللغة لا إلى العرف (٤). إلى آخر ما قاله.
وممّا ذكره ظهر ما في كلام المصنّف من قوله : وقيل : عنبا وتمرا ، إذ لم يعهد
__________________
(١) شرائع الإسلام : ١ / ١٥٣ ، المختصر النافع : ٥٧.
(٢) البيان : ٢٩٧.
(٣) منتهى المطلب : ١ / ٤٩٩ ط. ق.
(٤) غاية المرام في شرح شرائع الإسلام : ١ / ٢٥١ و ٢٥٢.