وسيظهر لك حكم الخرص ، مضافا إلى أنّ المعصوم عليهالسلام بعد تصريحه بأنّ التمر والزبيب فيهما الزكاة بعد بلوغهما النصاب ، جوابا لسؤال الراوي عن أقلّ ما تجب فيه الزكاة ، وكذا عن البرّ والشعير ، كيف يبقى للراوي تأمّل في كون التمر والزبيب فيهما الزكاة أم لا؟ حتّى سأل المعصوم عليهالسلام عن كون التمر والزبيب هل فيهما الزكاة أم لا؟ وسيّما أن يسأل بلفظ العنب وعدوله عن ألفاظهما مع عدم القرينة ، بل قرينة العدم ، وكيف ما أجابه بأنّي قلت : لك فيهما الزكاة ، فلم سألت ثانيا فتدبّر!
وروى أصحابنا في جواز الخرص في الزكاة بطريق الجمهور عن عتاب بن اسيد أنّ النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم كان يبعث على الناس من يخرص عليهم كرومهم [وثمارهم] ، وخرص صلىاللهعليهوآلهوسلم على امرأة بوادي القرى حديقة لها.
وأنّه صلىاللهعليهوآلهوسلم كان يبعث عبد الله بن رواحة للخرص (١) ، على ما ستعرف في مبحث الخرص ، وأنّه متّفق عليه بين الأصحاب ، فإنّ الخلاف فيه من بعض العامّة ، وأنّه فيه تفريعات من الأصحاب.
وملاحظة ذلك ينادي بأعلى صوته ، بأنّ الزكاة كانت واجبة قبل صيرورة العنب زبيبا ، والرطب والبسر الأحمر والأصفر تمرا ، مع أنّ الزكاة ممّا يعمّ به البلوى ، وتشتدّ إلى معرفتها ومعرفة أحكامها الحاجة ، ولا شك في أنّه في زمان الرسول والأئمّة ـ صلوات الله عليهم ـ قرب ثلاث مائة سنة ، كان المسلمون والشيعة يمشون على الطريقة المقرّرة المعهودة الثابتة من الحجج عليهمالسلام.
وكانت القلوب في غاية الشوق والاهتمام في الأخذ ، والحجج ـ صلوات الله عليهم ـ في غاية المبالغة في الإبلاغ ، والتشييد والتشديد والإجراء ، والفقراء في غاية الشوق والاهتمام في الأخذ ، والحجج عليهمالسلام في غاية الاهتمام في إيصال الحقوق
__________________
(١) منتهى المطلب : ١ / ٥٠٠ ط. ق ، ذخيرة المعاد : ٤٤٥ ، السنن الكبرى للبيهقي : ٤ / ١٢١ و ١٢٢.