فالمعصوم عليهالسلام شرط أن لا يكون ذلك إلّا بإذنه ، وأنّه بعد إذنه في دخولك في ماله ، وأخذك حقّ الله الذي في ماله افعل.
فهذا لو لم يؤكّد ذلك كيف يخالفه؟ إذ ليس فيه ، وإن اختار أن يعطيك من غير هذا المال ، ولم يرض أن تدخل هذا المال ، وتأخذ حصّة الفقراء التي فيه منه ، فلا تقبل منه ، وادخله دخول متسلّط عنيف واصدعه. إلى آخره ، بل فيه ما يخالف هذا بالبديهة.
فالمنافاة التي ذكرها منفية بلا شبهة ، لأنّ الانطلاق إلى ماله بمحض رضاه ، كما يشير إليه جميع ما ذكر عليهالسلام بعده ، بل ليس قبله إلّا قوله : «أرسلني إليكم ولي الله لآخذ حقّ الله في أموالكم» ، ولم يقل : آخذ بخصوص الصورة المذكورة ، فإن كان الإجماع أخذ البدل حقّا ثابتا ، فلعلّهم كانوا يعرفون هذا.
ومع ذلك اختاروا الأخذ من عين النصاب بنحو أخذ الشريك حقّه ، لأنّهم كانوا فهموا من كلام الساعي ، وغير ذلك الشركة والتعلّق بالعين ، ولذلك انطلقوا معه وادخلوه في المال بأخذ الحقّ كذلك ، من دون تأمّل منهم ، ومع رضائهم به ، مع أنّهم سمعوا صريحا قوله : «أتأذن لي». إلى آخره.
فإن قلت : لعلّهم ما اطّلعوا على الإجماع.
قلت : ما ذكرت يرد على جميع الأخبار ، إذ لا يكاد يتحقّق خبر تتمّ دلالته بدون ملاحظة إجماع ، كما صرّح به المحقّقون (١) ويشاهد بالوجدان ، مع أنّ وجدان أخبار لا تتمّ دلالتها بالإجماع ، يظهر من الخارج من البديهيّات ، بل وغاية كثرة وجدانها ، سلّمنا عدم اطّلاعهم عليه.
لكن ؛ من أين ثبت وجوب تنبيههم عليه في المقام وأمثاله؟
سلّمنا ؛ لكن لعلّ أمير المؤمنين عليهالسلام كان يعلم اطّلاعهم ، أو أنّه أعلمهم ، وإن
__________________
(١) لم نعثر عليه في مظانّه.