الأوّل : إنّ قوله : يلزمه كفايته أقرب ، فمع التساوي لا يتعيّن ، فكيف وهو أبعد ومعلوم ، أنّ مراده منه من يجب نفقته شرعا.
ومعلوم أنّه تجب دائما ما دام عدم الكفاية ، أو مطلقا لا من لا تجب نفقته في بعض الأوقات ، مثل المشترط في إجازته وغيره ممّا هو كثير ، فلعلّه يريد الإشارة إلى ما ورد منهم عليهمالسلام من التعليل بقولهم : «وذلك أنّهم عياله لازمون له» (١) بأنّ القدرة على مئونة هؤلاء معتبر دون غيرهم.
والثاني : أنّه بعد ذلك ترك ذكر ذلك مطلقا مع كثرة الذكر حيث قال : مكتفيا بصنعته وقال : صنعته تردّ عليه ، وقال : وإن كانت لا تردّ عليه حلّت ، وهكذا جميع ما ذكره بعد ذلك ، من دون إشارة إليه أصلا ، ولو بقوله : كذلك ، ولو مرّة واحدة ، سيّما في مقام نفي ذلك ، وسيّما قوله : قدر حاجته إلى ما يتعيّش ، إذ لا وجه لفهم قيد ذلك الدوام هنا أصلا.
والثالث : إنّ أقواله في باقي كتبه خالية عن هذا القيد رأسا ، وإن كان المقام يقتضي ذلك البتة ، لو كان مراده في المقام.
والرابع : إنّ الفقهاء لم يفهموا منه كونه قيدا ، لما ذكره من القدرة احترازيّا ، ولذا أطبقوا على نقل قولين ليس إلّا القول بمالكيّة النصاب ، والقول بالقدرة على المئونة ، بل ومئونة السنة كما ستعرف ، ولذا نقل عن «المختلف» إرادته مئونة السنة (٢) ، وفي «البيان» ادّعى الاتّفاق عليه صريحا (٣).
والخامس : إنّه يصير قوله على هذا خلاف المعلوم من الدين ، ومن الأخبار
__________________
(١) تهذيب الأحكام : ٤ / ٥٦ الحديث ١٥٠ ، وسائل الشيعة : ٩ / ٢٤٠ الحديث ١١٩٢٨.
(٢) نقل عنه في مدارك الأحكام : ٥ / ١٩٣ ، لاحظ! مختلف الشيعة : ٣ / ٢١٤.
(٣) البيان : ٣١٠.