فقبل حول الحول عليه لم يجب فيه الزكاة ، ولا يؤخذ منه ، فلم يثبت غناه ، وبعده صار قليلا منه ملك الفقراء ، فلا يكون مالكا للنصاب ، فلازم ذلك أن يكون فقيرا ، إلّا أن يكون مراده أنّه طول الحول غنيّ ، لمالكيّته النصاب الذي عند حول الحول على مالكيّته له تجب الزكاة.
ويلزم من ذلك ؛ أن يكون طول الحول مالكا له أيضا ، إذ لو لم يجز له أخذ الزكاة في الحول ، ولم يتصرّف في النصاب أصلا لاستغنى به عنه فكيف يتعيّش عادة؟ إلّا أن يكون مراده صورة خلاف العادة ، بأن حصل له على سبيل التدريج مئونة سنته.
لكن على هذا لا وجه لاستدلاله ، فإنّ مثله محتاج إلى مئونته في الحول ، وأخذ الزكاة منه لغناه ليس إلّا عند حول الحول ، وعنده يصير غير غني كما قلناه ، إلّا أن يكون مراده تحقّق الغنى طول الحول مع مالكيّة النصاب.
ولعلّ هذا هو مراده ، والشافعي لم يخالفه إلّا في خصوص اشتراط مالكيّة النصاب ، كما قاله الشيخ في «المبسوط» (١) ، وكذلك غيره (٢) من الفقهاء ، إذ كلامهم في غاية الظهور في أنّ طعنهم عليه إنّما هو في خصوص الاشتراط المذكور ، مضافا إلى أنّ الشافعي وغيره جعلوا ميزانا لمعرفة الغنى والفقر معروفا معيّنا بلا شبهة ، وليس إلّا كفاية مئونة السنة ، كما عرفت.
فظهر ممّا ذكر في المقام أيضا أنّ ما في «المبسوط» عين فتوى الفقهاء ، لا أنّه خلاف ذلك كما عرفت فتدبّر!
__________________
(١) المبسوط : ١ / ٢٥٦.
(٢) تذكرة الفقهاء : ٥ / ٢٤٣ المسألة ١٦٤.