فلو كان أخذ الزكاة جائزا له ، يقال يأخذها من دون عدول عمّا سأله ، واختيار تطويل يوجب توهّم خلافه ، بل وظهوره ، لأنّ هذا الجواب في قوّة أن قال لا يكسب ، ولا يأخذ الزكاة جميعا.
بل الظاهر أنّه صريح ، لأنّه قال : «لا» فإنّه ردّ لاحتماليه في سؤاله ، سيّما الاحتمال الأخير ، بل إضراب عنه ، فهذا نصّ في أن لا يأخذ البقيّة بعد أن ينظر إلى الفضل ، وينفق على من وسعه ، وهذا يقينا غير شقّي سؤاله فأمره بالشقّ الثالث جزما.
ولم يقل يأخذ الزكاة خوفا من أن يتوهّم ما توهّم صاحب «الذخيرة» ، ولم يطابق جوابه لسؤاله جزما ، ولو كان الأخذ جائزا له مطلقا محرّم عليه أن يطابق جوابه لسؤاله ، إذ لو كان مطابقا له لوجب عليه المطابقة لا المخالفة ، مع كون الحقّ المطابقة ، مع أنّ قوله يأخذ الزكاة مطلق ولا عموم فيه.
ومع هذا ؛ ما اختاره مع غاية الاختصار ونهاية الوجازة ، مع أنّه كان عين مطلوب السائل ، ومع جميع ذلك اختار المخالفة لسؤاله لا المطابقة ، وأطال بما أطال ، وأمر بما أمر ، خوفا من التوهّم ، وتوضيحا لما هو الحقّ.
وأيضا لو كان مثل الفقير يجوز له الأخذ مطلقا ، لما كان لأمره عليهالسلام بالنظر إلى الفضل وإنفاقه ، ثمّ الأخذ بعد ذلك وجه ، بل يكون باطلا بلا شكّ.
وليس المراد أنّه ومن وسع ينفقون أوّلا ، ثمّ ينفق من لم يسع بلا شبهة ، بقرينة قوله : ثمّ يأخذ ، أي هو ، ويتصرّف مضافا إلى أنّ العادة إنفاق العيال دفعة أو مشاعا ، سيّما مع عدم تعيّن من لم يسع ممّن يسع كما لا يخفى ، بل المراد تحصيل معرفة البقيّة حتّى يحسب التفاوت كما ذكر ، ثمّ خرج المجموع مشاعا كما هو الظاهر ، وهذه أيضا قرينة واضحة على مراعاة البقيّة.
مع أنّ البناء على التقديم والتأخير أشدّ دلالة ، مع أنّ مفهوم «إذا» في مقام