ولعلّه في الأخبار الاخر أيضا ما يؤيّد ، مضافا إلى تأمّل ما في وضوح العموم في الأخبار المذكورة ، إذ لعلّ المطلق ينصرف إلى غير المقام ، أو ينصرف إليه أيضا ، لكن بدلالة لا تخلو عن ضعف.
مع أنّ الأصل عدم الجواز ، سيّما بملاحظة أنّهم لم يستفصلوا أيضا عن كيفيّة الإعطاء ، أنّه هل يكون دفعة أو على التفرقة؟
والقول بأنّ المتبادر هو الدفعة ؛ ليس بأولى من القول بأنّ المتبادر هو الفقر ، سيّما بملاحظة أنّ الفقير الذي هو الأصل في استحقاق الزكاة ، عرّفوه بأنّه لا يملك مئونة سنة ، وجعلوا المقام ملحقا به للإجماع والأخبار ، حتّى في «المدارك» توهّم التدافع بين كلماتهم (١) ، وليس بمكان ، وإذ الملحق غير الملحق به مع اتّحاد كليهما ، كالحمّام الملحق بالجاري وغير ذلك ، بل عرّفوا البيع ونحوه ممّا عرّفوا ، وبناؤهم في الأخبار على غيره ـ كما حقّق في محلّه ـ من الفرق بين اصطلاح الفقيه ، والعرف ، واللغة ، والحقيقة الشرعيّة ، واصطلاح الراوي.
مع أنّه غير معلوم كون رواة هذه الأخبار مطلقة على أهل اللغة ، وكيف كان ؛ الأحوط ذلك بلا شبهة.
بل نقول : صحيحة معاوية واضحة الدلالة ، لأنّ صدرها هكذا : سألت الصادق عليهالسلام عن الرجل يكون له أربعمائة درهم وله عيال وهو يحترف فلا يصيب نفقته فيها أيكبّ فيأكلها ولا يأخذ الزكاة أو يأخذ الزكاة؟ قال : «لا ، بل ينظر إلى فضلها فيقوت بها نفسه ومن وسعه ذلك [من عياله] ويأخذ البقيّة من الزكاة ، ويتصرّف بها» (٢).
__________________
(١) مدارك الأحكام : ٥ / ١٩٤.
(٢) الكافي : ٣ / ٥٦١ الحديث ٦ ، وسائل الشيعة : ٩ / ٢٣٨ الحديث ١١٩٢٣ مع اختلاف يسير.