وتدبّر!
وأيضا جهة الاكتفاء بالظهور لم يكن إلّا الضرورة ، بمقتضى ما ذكر في الأدلّة ، والضرورة تتقدّر بقدرها ، والاستصحاب وإن كان حجّة ، إلّا أنّه يعارض جميع ما ذكر ، حتّى الرواية المعتبرة الصريحة (١) أيضا ، مع ما عرفت من [أنّ] اعتبارها محلّ نظر.
مع أنّ المعارضة لعلّها لا تكفي ، بل لا بدّ من العلّية حتّى يتعيّن كونه الحجّة.
نعم ؛ يؤيّده نفي الضرر مع حصول الإطاعة والامتثال ، وعدم تقصير أصلا ، سيّما مع الاجتهاد ، وبذل الجهد التامّ في معرفة الفقير ، فإنّ الحكم بالإعادة حينئذ في غاية البعد ، وشدّة المخالفة لطريق الشرع ، سيّما مع كونه سهلة سمحة البتّة.
فالرواية لعلّها محمولة على ترك الاجتهاد ، بل ربّما كانت ظاهرة فيه ، لقوله : وهو يرى أنّه معسر ، الظاهر غاية الظهور في أنّه من جهة أنّه كان يظنّه معسرا أعطاه ، لأنّ المضارع يفيد الاستمرار والاجتهاد واستفراغ الوسع ، والغنى أمر ربّما يتجدّد ، فلا يكفي بالظنّ المستمر.
والراوي قال : يرى أنّه معسر ، لا أنّه بذل جهده ، وإلّا كان يذكره في المقام البتة ، لكونه مقام ذكره لو فعله ، فحينئذ لا يكون حجّة على المفصّل لو لم يكن حجّة له ، فتأمّل!
مع أنّه لا يبعد حملها على صورة إمكان الاسترجاع ، لأنّ من كان يراه معسرا ظاهر في كونه شخصا ضعيفا غير متسلّط ، ليس له يد وقدرة بعد ظهور كونه غنيّا ، لأنّ الغني متمكّن من الردّ جزما ، فإذا لم يكن له قدرة على المنع ، لا جرم يكون الظاهر التمكّن مع الأخذ.
__________________
(١) وسائل الشيعة : ٩ / ٢١٥ الحديث ١١٨٦٩.