مع أنّ الغالب التمكّن من الارتجاع ، بل والارتجاع كما هو معلوم ، والفقهاء يتعرّضون للصورة النادرة وحكمها.
مع أنّ التمسّك بترك الاستفصال في أمثال المقام لا يخلو عن الضعف ، فكيف يعارض ما ذكرناه وما سنذكره؟ مع إمكان الحمل على الاحتياط في الاحتياط في الإعطاء لا يقع منهم المسامحة فيه ، كما اتّفق لكثير ممّن شاهدنا همّ ، ومنه ما مرّ في حكاية شهاب بن عبد ربّه (١).
هذا كلّه ؛ مضافا إلى ما ظهر من تضاعيف الأخبار من التسهيل ، وكمال الإرفاق والشفقة والمراعاة للمالك ، كما عرفت ، مضافا إلى ما عرفت من أنّ معرفة حدّ الفقر وتميّزه من الغنى ، ربّما يصعب غاية الصعوبة من الوجوه الكثيرة التي أشرنا ، مع عدم الحرج في الدين ، بل وعدم العسر أيضا ، إلى غير ذلك ممّا ذكرنا ، مضافا إلى ضمّ الأكثريّة في الفتوى ، بل الشهرة بحسب الظاهر.
وممّا ذكر ظهر الحال في الجواب عن حجّة الموجبين ، بضعف الحديث بالإرسال ، وأنّ التكليف منوط بالاستحقاق الظاهري ، مضافا إلى ما عرفته من كمال قوّة الخبر ، وعدم قصوره عن الصحيح ، لو لم نقل بكونه أقوى.
واجيب عن حجّة المفصّلين ، بأنّ الاجتهاد الذي ذكره إن أراد منه القدر المجوّز لإعطاء الزكاة ، أي يحصل الظنّ في صورة عدم ظنّ أصلا ، فلا كلام فيه ، لكن لا يلزم منه ما ذكره ، وإن أراد الاجتهاد الذي ادّعاه ، فهو غير واجب عند الفقهاء.
وقيل : نقل جماعة من الأصحاب الإجماع عليه (٢) ، مع أنّهم ذكروا حال
__________________
(١) وسائل الشيعة : ٩ / ٢١٧ الحديث ١١٨٧٣.
(٢) مدارك الأحكام : ٥ / ٢٠٦ ، ذخيرة المعاد : ٤٦٣ و ٤٦٤.