ظهور الخطأ لا غيره ، فكلامهم ينادي بأنّ حال عدم ظهوره لا كلام لهم في الصحّة ، بل الأوّلون وهم الأكثر ، والمشهور قالوا ما قالوا.
مع أنّه على تقدير أن يكون المفصّل يقول بالوجوب مطلقا ، بحيث لو لم يجتهد لم يكن ممتثلا أصلا ، وإن لم يظهر خطاؤه ، وكان ظانّا بظنّ قوي.
ففيه ؛ مع كونه خلاف الفقهاء ، وخلاف ظاهر كلامه أيضا ، أنّه خلاف ما يظهر من الأخبار حتّى رواية ابن أبي عمير السابقة (١) ، والروايتان اللتان هما دليله. لأنّ المعصوم عليهالسلام ما اعترض على الراوي بأنّه كيف يعطي الزكاة بغير اجتهاد؟ وأنّه غير ممتثل مطلقا ، بل قال : في صورة ظهور الخطأ بعيد ، إمّا مطلقا أو إذا اتّفق أنّه لم يجتهد.
وأمّا الروايتان فلا دلالة لهما على وجوب الاجتهاد في الصورة التي ظنّ كونه أهلها ، وكان الظاهر عنده كذلك.
مع أنّه غير خفيّ أنّ المراد من الأهل في الروايتين المؤمن والشيعة ، وغير الأهل المخالف ، وكون الحال فيه ، وفي شرط الفقر واحدا ؛ محلّ نظر كما ستعرف ، سيّما في زمان الباقر والصادق عليهماالسلام ، من عدم وجود الشيعة الذين يكونون مستحقّين لأخذ الزكاة إلّا قليلا ، سيّما زمان الباقر عليهالسلام لغاية قلّة الشيعة ، وابتداء ظهورهم منهم ، كما لا يخفى.
بل غالبهم كانوا ناصبيين ، وغير الغالب كانوا مستضعفين ، وسيجيء حالهما.
والأخبار في غاية التشديد في عدم إعطاء الزكاة بغير المؤمن ، وحذّروا نهاية التحذير.
لكن على هذا يظهر دلالة الروايتين على قول المفصّل بطريق أولى ، سيّما
__________________
(١) وسائل الشيعة : ٩ / ٢١٥ الحديث ١١٨٦٩.