بأنّ الإمام يعطي من لا يعرف ، ليرغب في الدين فيثبت عليه ، وهذا بعينه مصرف سهم المؤلّفة ، كما وقع التصريح به في رواية علي بن إبراهيم في تفسيره عن العالم عليهالسلام ـ لأنّه عليهالسلام : بعد ما ذكر المؤلّفة ، وأنّهم منهم في تفسير هذه الآية ـ قال : «فكان رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم يتألّفهم ويعلّمهم ويعرّفهم كما يعرفوا ، فجعل لهم نصيبا في الصدقات لكي يعرفوا ويرغبوا» (١).
وينادي بذلك أيضا أنّه رحمهالله قال : ـ في المقام بعد ما نقل من فعل الإمام أنّ المؤلّفة (وَفِي الرِّقابِ) عام والباقي خاص ـ أي خاصّ بالعارف كما هو واضح ، ولذا صرّح هو بذلك ، فإذا كان خاصّا بالعارف ، وسهم المؤلّفة عامّا ، والتقسيط غير واجب على مذهبنا جزما ، كما سيصرّح به ، فما الداعي إلى أن يخالف الإمام ما قرّره الله وعيّنه ، بأن يعطي السهم المختصّ بالعارف لغير العارف؟
مع أنّه تعالى وسّع عليه بجعل المؤلّفة عامّا ، وعدم الإلزام بالتقسيط أصلا ، بل جوّز قطعا أن يصرف مجموع الزكاة في أيّ سهم كان.
مع أنّ سهم الفقراء إنّما يعطى لخصوص فقره ، والمسكين لخصوص مسكنته ، وهكذا حال الباقين ، ومنهم المؤلّفة فإنّه يعطى لخصوص التأليف لا للوجوه الاخر ، كما أنّ الوجوه الاخر تعطى لتلك الوجوه لا للتأليف ، والمعصوم عليهالسلام صرّح بأنّ الإمام لا يعطي غير العارف إلّا للتأليف ، فالرواية في غاية الوضوح في أنّ الإمام يعطي غير العارف من الأصناف الثمانية البتة إذا أقرّوا له بالطاعة ، وإنّما يعطيهم حينئذ لا من جهة كونهم فقراء أو مساكين.
وهكذا غيرهم ، بل من جهة خصوص التأليف ، لأنّه سهم عام يصحّ صرفه لجميع الأصناف الثمانية ، إذا كانوا غير عارفين لأجل تأليفهم خاصّة ، ولهذا حين ما
__________________
(١) تفسير القمّي : ١ / ٢٩٩ ، وسائل الشيعة : ٩ / ٢١١ الحديث ١١٨٦٢.