ولذا صدر من عقيل أخيه ما صدر ، بعد ما فعل عليهالسلام بالنسبة إليه ما فعل وهكذا بالنسبة إلى طلحة وزبير وغيرهما ، وكان يصرّح بذلك ، بل الحال ربّما كان بالنسبة إلى فعل الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم أشدّ ، لعدم وجدان العارف في زمانه ، ولذا لم يقل في جوابهما : «لا» ، لما كان يعلم وجه سؤالهما ، فلذا خصّص جواز الإعطاء بالإمام دون غيره.
بل صرّح بأنّك وأصحابك لا يجوز لكم الإعطاء ، لأنّ العلّة هي الإقرار بالطاعة ، ولا يوجد هذا بالنسبة إليكم ، مع تصريحه بأنّ الإمام يعطي من سهم المؤلّفة حسب ما عرفت ، وهذا منصب الإمام على ما يظهر من تفسير علي بن إبراهيم (١).
والأصحاب عرّفوا المؤلّفة ؛ بتأليفهم واستمالتهم للجهاد (٢) ، وتقوية الإسلام ، واختار غير واحد من الفقهاء سقوط هذا السهم في زمان الغيبة (٣) ، والقائل بالبقاء أجاب : بأنّ الجهاد قد يجب حال غيبة الإمام بأن يدهم المسلمين عدوّ ـ العياذ بالله ـ فاحتيج إلى التأليف لذلك مطلقا (٤).
وظاهر أنّ هذه الثمانية إنّما تكون إذا دهم عدوّ يخاف منه على بيضة الإسلام ، فصحّ ما قال المعصوم عليهالسلام : أنت وأصحابك لا تعطون اليوم إلى غير العارف من سهم المؤلّفة أيضا ، خصوصا بعد ملاحظة ما ظهر من كلامه عن إعطاء غير العارف من سهم مخصوص بالإمام ، من جهة أنّهم يقرّون له بالطاعة ، وهذا من خواصّه قطعا.
__________________
(١) راجع! الصفحة : ٤٧٥ و ٤٧٦ من هذا الكتاب.
(٢) شرائع الإسلام : ١ / ١٦١ ، إرشاد الأذهان : ١ / ٢٨٦ ، الدروس الشرعيّة : ١ / ٢٤١.
(٣) من لا يحضره الفقيه : ٢ / ٣ ، المبسوط : ١ / ٢٤٩ ، السرائر : ١ / ٤٥٧.
(٤) منتهى المطلب : ١ / ٥٢٠ ط. ق.