خطر وتغرير بالزكاة ، من حيث أنّها زكاة لا مطلقا ، إذ كثير من القرى متّصلة بعضها ببعض ، أو مقاربة كذلك ، بحيث يكون حالها حال المحلّات في البلدة الكبيرة ، بل المواضع المتعدّدة من المحلّة الكبيرة ، بل ربّما كان النقل من تلك القرى إلى الاخرى منها آمن وأوثق وأحفظ منه في المحلّات والمواضع.
وأيضا ربّما كان النقل إلى البلد البعيد آمن وأوثق من النقل إلى المحلّات والمواضع ، حيث يكون النقل إلى البعيد مع عسكر عظيم في غاية الأمن والأمان.
فعلى هذا ؛ لا وجه للجواب المذكور ، لأنّ الزكاة ليست من الواجبات التي لا يكون لها وقت ، ولا الواجبات التي وقتها تمام العمر ، بل من الواجبات المؤقّتة إجماعا ، ونصوصا بالنصوص المتواترة ، فإتلاف الزكاة غير إتلاف المال الذي أخرجه للزكاة حتّى يحاسب بالضمان ، إذ لو تلف ذلك المال في وقت علم بذلك المزكّي ، وأمكنه أن يعطي عوضه في الوقت الذي كان الواجب عليه أن لا يؤخّر الإعطاء عنه ، لم يصدق حينئذ أنّه فات الزكاة وتلفت ، بل الصادق أنّه فات إعطاء ذلك المال الذي بعثه ، لأن يعطي الفقير في وقت وجوب الزكاة عليه ، إذ الواجب المؤقّت ليس إلّا ما طلب أداؤه بعنوان الوجوب في وقته المعيّن لا مطلقا ولا في جميع الأوقات ، ففوته وتلفه لا يكون إلّا بانعدامه في وقته المعيّن موسّعا كان أو مضيّقا.
فالضمان والتعويض أيّ نفع فيه إذا فات بتقصير المكلّف؟ أو عدم تقصيره على الحقّ! من أنّ القضاء فرض جديد ، وليس تابعا للأداء ، لأنّ المطلوب لم يكن إلّا الواجب الخاص المقيّد بكونه في الزمان الخاص ، وقد فات وتداركه فرض مستأنف ، وبعد ثبوته وتحقّقه من المكلّف لا ينفع تقصيره في ترك الواجب ، كما ظاهره منع التغرير بالزكاة أيضا غلط ، لما عرفت من أنّ منعه إنّما هو من النقل الذي يكون فيه ذلك التغرير لا مطلقا ، كما عرفت.
ومن هذا لم يمنع أحد ذلك ، وينادي بما ذكرنا أنّ بعضهم استدلّ على المنع ،