بأنّ الفور فيها واجب ، والنقل ينافي فوريّتها (١) ، إذ من البديهيّات عند المسلمين أنّ الزكاة ليست من الواجبات الفوريّة ، بل من الواجبات المؤقّتة.
فمعلوم أنّ مرادهم من وجوب الفور ، عدم جواز تأخيرها عن آخر وقتها أو عن وقتها المضيّق.
وقد أثبت المستدلّ المذكور وقت الزكاة التي لا يجوز التأخير عنه اختيارا ، وبلا جهة أصلا ، ومرّ عند ما ذكرنا ، وأثبتنا من حول الحول لغير الغلّات ، ووجوب الإعطاء ، وعدم جواز الترك حينئذ فلاحظ (٢)!
وكذلك الحال في الغلّات ، إذ عرفت أنّ لزكاتها ابتداء وقت وجوب وانتهاؤه ، وعرفت الأدلّة والأقوال ، فما أجاب في «الذخيرة» ، وغيره في غيره ، عن هذا الاستدلال ، بمنع وجوب الفوريّة ، وبعد التسليم بتحقّقها في النقل (٣) ، فيه ما فيه.
فالجواب منحصر في القول بأنّ النقل ثبت جوازه شرعا من الأخبار المذكورة (٤) ، إلّا أن يقولوا : إنّ ظواهرها معارضة للأخبار الدالّة على وجوب الإعطاء في الأوقات المعيّنة (٥).
فلا بدّ من ملاحظة مجموع الأخبار بأنّها هل تكون متعارضة أم لا؟ وعلى الأوّل العلاج ما ذا؟ وما هو أولى واخرى بملاحظة المرجّحات به سندا ودلالة؟ وغيرهما من الوجوه الخارجة.
ولعلّ ما دلّ على جواز النقل أقوى وأظهر ، بملاحظة أصالة براءة الذمّة عن
__________________
(١) تذكرة الفقهاء : ٥ / ٣٤١ المسألة ٢٥٢.
(٢) راجع! الصفحة : ٣٤١ ـ ٣٤٧ من هذا الكتاب.
(٣) ذخيرة المعاد : ٤٦٦ ، مدارك الأحكام : ٥ / ٢٦٨.
(٤) وسائل الشيعة : ٩ / ٢٨٢ و ٢٨٣ الحديث ١٢٠٢٦ و ١٢٠٢٩.
(٥) وسائل الشيعة : ٩ / ١٩٤ و ١٩٥ الحديث ١١٨١٧ و ١١٨١٨.