من قبل الفطرة فطرة» كما مرّ (١).
وممّا ذكر ظهر حجّة المشهور بعد ما عرفت ، من أنّ الفقير المستحقّ للزكاة من لم يملك مئونة السنة له ولعياله ، والغنيّ غير المستحقّ لها من ملك ، ومرّ التحقيق في ذلك ، لا حاجة إلى العود فيه هنا.
قوله : (وفي آخر : ليس). إلى آخره.
لا يقال : هذا ظاهر في مذهب ابن الجنيد (٢) ، لأنّ مفهومه أنّ من يجد ما يتصدّق به يجب عليه.
لأنّا نقول : المفهوم مفهوم الوصف ، وعلى تقدير حجّيته لا عموم فيه ، كما لا يخفى ، لأنّ المنطوق عدم جمع أفراد الحرج من جميع الوجوه ، فالمفهوم تحقّق حرج في الجملة وببعض الوجوه ، ولا كلام فيه.
وعلى تقدير التسليم لا يعارض المنطوق ، فكيف يعارض المنطوقات للأحاديث الصحاح والمنجبرة بفتاوى المعظم ، والصحاح وغيرها؟ مثل إجماع العصابة على تصحيح ما يصحّ عنه ، وعدم الرواية إلّا عن الثقة ، وغير ذلك ممّا هو مستند المعظم ، مع أصالة البراءة ، واستصحاب عدم التكليف!
مع أنّه إن حمل الوجدان على معناه اللغوي ، فهو غير قائل به أيضا ، وإن حمل على الشرعي ، ففيه أنّ من لم يجد قوته ، وقوت عياله من الغد وبعده إلى انقضاء سنته ، مع نهاية شدّة احتياجه إليه حينئذ يكون واجدا شرعا ، محلّ تأمّل يظهر من تتبّع سلوك الشرع مع الفقراء والمساكين ، فتأمّل جدّا!
__________________
(١) مرّ آنفا.
(٢) نقل عنه في منتهى المطلب : ١ / ٥٣٢ ط. ق.