من كسبهم ، ومن غير هذه الزراعة حتّى يزيد على السلطان والفقراء حصصهم ، ولا يخرجون على حصصهم التي هي عين ما لهم ، ما يلزمها من المؤن التي هي خاصّة حصصهم ، وتكون هذه المؤن ـ مع كونها لازمة على حصص الفقراء والسلطان ـ على الزارع ، والمالك يخرجها من كيسه وعين ماله الخارج عن الزرع ، وأيّ عاقل يرضى بهذا ويجوّزه على المالك والزارع ، مع العلم بأنّ نفس الزكاة كانت في غاية الثقل عليهم؟ فما ظنّك بهذه الزيادة؟
وأشدّ من الزكاة حصّة السلطان الذي كان من بني اميّة ، أو بني العبّاس ، وفي غاية الظلم ، ونهاية العداوة للشيعة. فكيف كان الشيعة يراعون هذه الغبطة لأعدائهم؟ مع كونهم في زمانهم في غاية الشدّة والضيق ، والظلمة في غاية الوسعة في الدنيا وزيادة المال.
على أنّا نقول : لو لم يثبت اتّحاد عادة زماننا مع عادة زمان صدور الروايات ، فالاحتمال لا أقلّ منه ، فكيف ثبت على المالك هذا التكليف الشديد العسر الغريب؟ مع أنّ الأصل براءة ذمّته عنه.
هذا كلّه ؛ على تقدير القول بالفصل ، وعلى تقدير عدمه ، فمذهب الأكثر ثابت ، لكن لا بالنحو الذي ذكره في «المسالك» ، فإنّه بعيد غاية البعد عن الأدلّة.
وأين هو من مؤنة القرية وغيره؟ بل هو خلاف ظاهر المسلمين في الأعصار والأمصار.
مع أنّه على ما ذكره لا يكاد تتحقّق غلّات تتعلّق بها الزكاة ، مع أنّه ورد «ما فرض الله تعالى على هذه الامّة [شيئا] أشدّ عليهم من الزكاة ، وفيها تهلك عامّتهم» (١) ، وأنّه «وما من مال يصاب إلّا بترك الزكاة» (٢) وغير ذلك.
__________________
(١) الكافي : ٣ / ٤٩٧ الحديث ٣ ، وسائل الشيعة : ٩ / ٢٨ الحديث ١١٤٣٧.
(٢) الكافي : ٣ / ٥٠٥ الحديث ١٨ ، وسائل الشيعة : ٩ / ٢٨ الحديث ١١٤٣٩.