بل قلنا : إنّ استثناء المؤن السابقة على كون الحنطة مثلا حنطة ، في غاية البعد عن الأخبار المتواترة ، ونهاية شدّة المخالفة لها ، فما ظنّك به؟
وأورد على دليله الثاني : بأنّه في قوّة المدّعى (١).
وفيه ؛ أنّه أيضا مبني على الاشتراك ، يعني كما أنّ النماء من الأموال المشتركة ، فيكون ما يحصّله أيضا على الجميع فقوله : (فتكون على الجميع) نفس المدّعى الثابتة من القاعدة الشرعيّة في أسباب حصول المشترك ، كما أنّ الدليل هو القاعدة في الخسارة فيه ، وكلّ واحد منهما قاعدة على حدّه ، فلذا جعلنا دليلين.
وعلى الثالث : بأنّ الإضرار غير ملتفت إليه في نظر الشرع ، وإلّا سقط التكاليف (٢).
وفيه ؛ أنّ عموم نفي الإضرار يقتضي ما ذكره ، إلّا أن يثبت خلافه ، مع أنّه ربّما مراده أنّ الظاهر أنّه ليس خسارة فوق خسارة ، بل مطالبة قليل ممّا يفضّل الله عليه فيما عمل ، مع أنّه ربّما خرج على الغلّة أضعافا مضاعفة.
مع أنّهم قالوا بمجرّد إخراج الزكاة مرّتين لا يبقى المال ، فلذا رضوا بما أخذه بنوا اميّة ، مع كونهم أشدّ الكفّار الذين يعطون مال الفقراء ، من هو كافر فاجر غير متّسع عليه ، أو شاعرا ، أو مثلهم ، ويصرفونه في المحرّمات ، وفي إعانة ظلمهم.
وعلى الرابع : بأنّ بطلانه ظاهر (٣) ، وفيه ؛ أنّه ظهر صحّته ممّا أشرنا إليه.
نعم ؛ ويمكن الجواب عن الكلّ بأنّ الظاهر من الأخبار ، مع غاية كثرتها ، بل تواترها عدم الاستثناء ، مضافا إلى أنّه يوجب سقوط الزكاة عادة ، إلّا ما ندر لا أقلّ ، وهو أيضا خلاف ما يظهر من الأخبار والفتاوى ، لكن عرفت حقيقة الحال ، ولذا قال المصنّف : ولا دليل عليه أيضا. إلى آخره فتدبّر ، وبالجملة ، الاحتياط
__________________
(١) ذخيرة المعاد : ٤٤٣.
(٢) ذخيرة المعاد : ٤٤٣.
(٣) ذخيرة المعاد : ٤٤٣.