بسم الله الرّحمن الرحيم ، حفظك الله وعافاك ، أما بعد : فإنه كان عزيزا عليّ أن أكتب إلى رجل من أهل بيت الخلافة بغير التأمير ، لكن بلغني عنك أنك مائل بالرأي والهوى إلى الناكث المخلوع ، فإن يك ما بلغني حقّا ، فقليل ما (١) كتبت به إليك كثير (٢) ، وإن يك باطلا فالسّلام عليك أيّها الأمير ورحمة الله وبركاته.
وكتب في أسفل كتابه :
ركوبك الهول ما لم تلق فرصته |
|
جهل ورأيك في الإقحام تغرير |
أعظم بدنيا ينال المخطئون بها |
|
حظّ المصيبين والمغرور مغرور |
ازرع صوابا وحبل الحزم موترة |
|
فلن يردّ لأهل الحزم تدبير |
فإن ظفرت مصيبا أو هلكت به |
|
فأنت عند ذوي الألباب معذور |
وإن ظفرت على جهل وفزت به |
|
قالوا : جهول أعانته المقادير |
أخبرنا أبو الحسن بن قبيس ، نا وأبو منصور بن خيرون ، أنا أبو بكر الخطيب (٣) : أخبرني أبو القاسم الأزهري ، نا أحمد بن إبراهيم ، نا إبراهيم بن محمد بن عرفة قال : بعث المأمون إلى علي بن موسى الرضا فحمله وبايع له بولاية العهد ، فغضب من ذاك بنو العباس وقالوا : لا نخرج الأمر عن أيدينا ، وبايعوا إبراهيم بن المهدي ، فخرج إلى الحسن بن سهل فهزمه وألحقه بواسط (٤) ، وأقام إبراهيم بن المهدي بالمدائن ، ثم وجّه الحسن عليّ بن هشام وحميد الطوسي فاقتتلوا ، فهزمهم حميد واستخفى إبراهيم ، فلم يعرف خبره حتى قدم المأمون فأخذه.
أخبرنا أبو غالب بن البنا ، أنا محمد بن أحمد بن الآبنوسي ، أنا عبيد الله بن عثمان بن يحيى ، نا إسماعيل بن علي بن إسماعيل قال (٥) : وبايع أهل بغداد لإبراهيم بن المهدي بالخلافة ببغداد في داره المنسوبة إليه في ناحية سوق العطش (٦) ، وسمّوه المبارك ، وقيل : سمّوه المرضيّ وذلك يوم الجمعة لخمس خلون من المحرم
__________________
(١ و ٢) في العقد الفريد : «فكثير ... فقليل».
(٣) تاريخ بغداد ٦ / ١٤٢.
(٤) واسط : مدينة متوسطة بين البصرة والكوفة ، تبعد عن كلّ منهما خمسين فرسخا. (معجم البلدان).
(٥) تاريخ بغداد ٦ / ١٤٢ ـ ١٤٣.
(٦) سوق العطش من أكبر محالّ بغداد بالجانب الشرقي بين الرصافة ونهر المعلى (معجم البلدان).