أبوه أوصى إليه فكان شيعتهم يختلفون إليه ويكاتبونه من خراسان وتأتيه رسلهم ، فبلغ ذلك مروان بن محمد فبعث إليه فحبسه بأرض الشام فمات في حبسه سنة إحدى وثلاثين ومائة ، وكان يوم مات ابن ثمان وأربعين سنة ، وكان ظهور أهل بيته من بني العباس والمسودة بالكوفة ، وبويع لأبي العباس عبد الله بن محمد بن علي بن عبد الله بن عباس بالخلافة للنصف من شهر ربيع الأول سنة اثنتين وثلاثين ومائة وهو يومئذ ابن ست وعشرين سنة وأشهر ، وكانت أمّ أبي العباس ريطة بنت عبيد الله بن عبد الله بن عبد المدان بن الدّيّان من بني الحارث بن كعب.
أخبرنا أبو غالب بن البنا ، أنا محمد بن أحمد بن الآبنوسي ، أنا عبيد الله بن عثمان بن يحيى ، أنا إسماعيل بن علي بن إسماعيل الخطبي ، قال : وأوصى محمد بن علي إلى ابنه إبراهيم بن محمد فسمّي الإمام بعد أبيه ، وشهر بهذا الاسم ، وانتشرت دعوته بخراسان كلها ، ووجّه بأبي مسلم إلى خراسان واليا على دعاته وشيعته ، فتجرد أبو مسلم لمحاربة عمال بني أمية وقوي أمره واستفحل ، وأظهر لبس السواد ، وغلب على البلاد يدعو هو ومن معه إلى طاعة الإمام ويعمل بما يرد عليه من مكاتبة أبي إسحاق بن محمد الإمام له سامعا منه مطيعا له غير مظهر للناس اسمه إلّا لمن كان من الدعاة والشيعة فإنهم يعرفونه دون غيرهم من الناس إلى أن ظهر أمره وانكشف ، ووقف مروان بن محمد على خبره فوجّه إليه فأخذه وحبسه وقتله (١).
فحدثنا محمد بن موسى بن حمّاد البربري ، نا سليمان بن أبي شيخ ، نا صالح بن سليمان ، قال : كان أبو مسلم يكاتب إبراهيم بن محمد فقدم على إبراهيم رسوله فساءله فإذا رجل من عرب خراسان فصيح ، فغمّه ذلك ، فكتب إلى أبي مسلم : ألم أنهك عن أن يكون رسولك عربيا؟ يطّلع مثل هذا على أمرك؟ فإذا أتاك فاقتله.
وحبس الرسول ، فلما خرج من عنده قرأ الكتاب فأتى به مروان بن محمد ، فأرسل فأخذ إبراهيم وحبسه وهو بحرّان ، وأمر به فغمّ وقتل في الحبس.
قال صالح بن سليمان : جعلوا على وجهه مرفقة وقعدوا عليها ؛ ويقال : إن قتله كان بحرّان في صفر سنة اثنتين وثلاثين ومائة ، وله يومئذ من السن إحدى وخمسون
__________________
(١) الخبر في سير أعلام النبلاء ٥ / ٣٧٩ مختصرا.