لبعض من حضره : اذهب فسل عنه ، فرجع فقال : [تركته](١) يريد [أن](٢) يموت قال : فضحك منه بعض القوم ، وقال : في الدنيا إنسان يريد أن يموت ، فقال إبراهيم : لقد ضحكتم منها! عربية إنّ «يريد» في معنى «يكاد» قال الله تعالى (جِداراً يُرِيدُ أَنْ يَنْقَضَ)(٣) أي يكاد. قال : فقال أبو عمرو : لا نزال بخير ما كان فينا مثلك.
أخبرنا أبو الحسن بن قبيس ، نا وأبو منصور بن خيرون ، نا أبو بكر الخطيب (٤) قال : قرأت على الحسن بن علي الجوهري عن أبي عبيد الله المرزباني ، نا أبو الحسن أحمد بن إسحاق الوشاء ، نا أبو علي إسماعيل بن يحيى بن المبارك اليزيدي قال : قال إبراهيم بن أبي محمد إخي (٥) كنت عند المأمون وليس معنا إلّا المعتصم فذكر (٦) كلاما قال : فلم (٧) أحتمل ذلك منه يعني من المعتصم وأجبته ، فأخفى (٨) ذلك المأمون ولم يظهره ذلك الإظهار ، فلما صرت من غد إلى المأمون كما كنت أصير ، قال لي الحاجب [أمرت](٩) أن لا آذن لك ، فدعوت بدواة وقرطاس وكتبت إليه :
أنا المذنب الخطّاء والعفو واسع |
|
ولو لم يكن ذنب لما عرف العفو |
سكرت فأبدت منّي الكأس بعض ما |
|
كرهت وما إن يستوي السّكر والصحو |
ولا سيما إذ كنت عند خليفة |
|
وفي مجلس ما أن يليق به اللغو |
ولو لا حميّا الكأس كان احتمال ما |
|
بدهت به لا شكّ فيه هو السّرو |
تنصّلت من ذنبي تنصّل ضارع |
|
إلى من إليه يغفر العمد والسّهو |
فإن تعف عنّي ألف خطوي واسعا |
|
وإلّا يكن عفو فقد قصر الخطو |
قال : فأدخلها الحاجب ثم خرج إليّ فأدخلني. فمدّ المأمون باعيه فأكببت على يديه فقبّلتهما (١٠) فضمّني إليه وأجلسني.
__________________
(١) سقطت من الأصل واستدركت عن تاريخ بغداد.
(٢) سقطت من الأصل واستدركت عن تاريخ بغداد.
(٣) سورة الكهف ، الآية : ٧٧.
(٤) تاريخ بغداد ٦ / ٢٠٩ ـ ٢١٠.
(٥) عن تاريخ بغداد ، وبالأصل «إني».
(٦) ما بين الرقمين في تاريخ بغداد : «فأخذت الكأس من المعتصم فعربد عليّ فلم أحتمل ..».
(٧) ما بين الرقمين في تاريخ بغداد : «فأخذت الكأس من المعتصم فعربد عليّ فلم أحتمل ..».
(٨) مطموسة بالأصل ، استدركت عن تاريخ بغداد.
(٩) زيادة عن تاريخ بغداد.
(١٠) عن تاريخ بغداد وبالأصل «فقبلتها».