إسماعيل بن عيسى العطّار ، نا إسحاق بن بشر أبو حذيفة ، أخبرني جويبر عن الضّحّاك ، عن ابن عباس : أن آدم عليهالسلام طلب التوبة مائتي سنة حتى أتاه الله الكلمات ولقنه إيّاها (١) قال : بينا آدم عليهالسلام جالس يبكي واضع راحته على جبينه إذ أتاه جبريل فسلّم عليه ، فبكى آدم وبكى جبريل لبكائه فقال له : يا آدم ما هذه البلية التي أضحى بك بلاؤها وشقاؤها وما هذا البكاء؟ قال : يا جبريل وكيف لا أبكي وقد حوّلني ربي من ملكوت السماء إلى هوان الأرض ، ومن دار المقامة إلى دار الظعن والزوال ، ومن دار النعمة إلى دار البؤس والشقاء ، ومن دار الخلد إلى دار الفناء كيف أجتاز (٢) يا جبريل هذه المصيبة؟ قال : فانطلق جبريل إلى ربه فأخبره بمقالة آدم فقال الله عزوجل : انطلق يا جبريل إلى آدم فقل : يا آدم ألم أخلقك بيدي؟ قال : بلى يا رب ، قال : ألم أنفخ فيك من روحي؟ قال : بلى يا رب ، قال : ألم أسجد لك ملائكتي؟ قال : بلى يا رب ، قال : ألم أسكنك جنتي؟ قال : بلى يا رب ، قال : ألم آمرك فعصيتني؟ قال : بلى يا رب ، قال : وعزتي وجلالي وارتفاع مكاني لو أن ملء الأرض رجالا مثلك ثم عصوني لأنزلتهم منازل العاصين ، غير أنه يا آدم قد سبقت رحمتي غضبي ، قد سمعت صوتك وتضرّعك ورحمت بكاك وأقلتك عثرتك. فقل : لا إله إلّا أنت سبحانك وبحمدك عملت سوءا وظلمت نفسي فاغفر لي ذنوبي إنك أنت خير الغافرين ، لا إله إلّا أنت سبحانك وبحمدك عملت سوءا وظلمت نفسي فارحمني إنك خير الراحمين ، لا إله إلّا أنت سبحانك وبحمدك عملت سوءا وظلمت نفسي فتب عليّ إنك أنت التواب الرحيم فذلك قوله عزوجل : (فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِماتٍ) الآية.
أخبرنا أبو عبد الله الفراوي ، أنا أبو بكر البيهقي ، أنا أبو عبد الله الحافظ ـ إملاء وقراءة ـ نا أبو سعيد عمرو بن محمد بن منصور العدل ـ إملاء ـ نا أبو الحسن محمد بن إسحاق بن إبراهيم الحنظلي (٣) ، نا أبو الحارث عبد الله بن مسلم الفهري (٤) ـ بمصر ـ قال أبو الحسن : هذا من رهط أبي عبيدة بن الجرّاح ـ أنا إسماعيل بن مسلمة ، أنا
__________________
(١) بالأصل وم «إياه».
(٢) بالأصل : «أجتز» وفي م : «أجبز».
(٣) هذه النسبة إلى بني حنظلة ، جماعة من غطفان (الأنساب).
(٤) ضبطت عن الأنساب ، وانظر فيها هذه النسبة.