قرأت على أبي الوفاء حفاظ بن الحسن بن الحسين الغسّاني ، عن عبد العزيز بن أحمد الكتاني ، أنا عبد الوهاب الميداني ، أنا أبو سليمان بن زبر ، أنا عبد الله بن أحمد الفرغاني ، أنا محمد بن جرير (١) قال : قال هشام بن محمد قال أبو مخنف : عن عبد الرّحمن بن يزيد بن جابر ، عن أدهم بن محرز الباهليّ ، أنه أتى عبد الملك بن مروان ببشارة الفتح قال : فصعد المنبر ، فحمد الله وأثنى عليه ، ثم قال : أما بعد ، فإنّ الله قد أهلك من رءوس أهل العراق ملقح فتنة ، ورأس ضلالة سليمان بن صرد ، ألا وإن السيوف تركت رأس المسيّب بن نجبة خذاريف (٢) ، ألا وقد قتل الله من رءوسهم رأسين عظيمين ضالّين مضلّين : عبد الله بن سعد أخا الأزد ، وعبد الله بن وال أخا بكر بن وائل ، فلم يبق بعد هؤلاء أحد عنده دفاع ولا امتناع.
أنبأنا أبو علي بن نبهان ، وأبو القاسم غانم بن محمد بن عبيد الله البرجي (٣) ، عن علي بن شاذان ، نا أبو بكر محمد بن العباس بن نجيح البزّاز ، نا الحسن بن علي بن شبيب ، وإسماعيل بن إسحاق بن الحصين الرّقّي ، قالا : نا محمد بن خلّاد أبو بكر الباهلي ، نا هشيم بن أبي ساسان ، حدّثني أبيّ (٤) بن ربيعة الصّيرفي قال : سمعت عبد الملك بن عمير يقول : خرجت يوما من منزلي نصف النّهار ، والحجّاج جالس ، بين يديه رجل موقف ، عليه كمة (٥) من ديباج ، والحجّاج يقول : أنت همدان مولى عليّ ، تعال سبّه. قال : إن أمرتني فعلت ، وما ذاك جزاؤه ، رباني صغيرا وأعتقني كبيرا ، قال : فما كنت تسمعه يقرأ من القرآن؟ قال : كنت أسمعه في قيامه وقعوده وذهابه ومجيئه يتلو : (فَلَمَّا نَسُوا ما ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنا عَلَيْهِمْ أَبْوابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذا فَرِحُوا بِما أُوتُوا أَخَذْناهُمْ بَغْتَةً فَإِذا هُمْ مُبْلِسُونَ ، فَقُطِعَ دابِرُ الْقَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُوا ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ)(٦) قال : فابرأ منه ، قال : أما هذه فلا ، سمعته يقول : تعرضون على سبيّ فسبّوني ، وتعرضون على البراءة منّي فلا تبرءوا مني ، فإني على الإسلام (٧).
__________________
(١) تاريخ الطبري ٥ / ٦٠٥ وبغية الطلب ٣ / ١٣٣٧.
(٢) يعني قطعا (القاموس).
(٣) ضبطت عن الأنساب ، وهذه النسبة إلى برج ، وهي قرية من قرى أصبهان ، وله في الأنساب ترجمة قصيرة.
(٤) رسمها غير واضح بالأصل والمثبت عن بغية الطلب.
(٥) الكمة : القلنسوة (القاموس).
(٦) سورة الأنعام ، الآيتان : ٤٤ ـ ٤٥.
(٧) الخبر في بغية الطلب لابن العديم ٣ / ١٣٣٨ ومختصر ابن منظور ٤ / ٢٣١.