وإني لا أرى الموت إلّا سعادة والحياة مع الظالمين إلّا برما (١).
أخبرنا خالي أبو المعالي محمّد بن يحيى القاضي ، أنا سهل بن بشر الإسفرايني ، أنا محمّد بن الحسين بن أحمد بن السري ، أنا الحسن بن رشيق ، نا يموت بن المزرّع ، نا محمّد بن الصباح السماك ، نا بشر بن طانحة (٢) ، عن رجل من همدان ، قال : خطبنا الحسين بن علي غداة اليوم الذي استشهد فيه فحمد الله وأثنى عليه ثم قال :
عباد الله ، اتقوا الله وكونوا من الدنيا على حذر ، فإن الدنيا لو بقيت لأحد وبقي عليها أحد ، كانت الأنبياء أحق بالبقاء ، وأولى بالرضا وأرضى بالقضاء ، غير أن الله تعالى خلق الدنيا للبلاء ، وخلق أهلها للفناء ، فجديدها بال ونعيمها مضمحلّ ، وسرورها مكفهرّ ، والمنزل بلغة ، والدار قلعة ، فتزودوا فإن خير الزاد التقوى ، واتقوا الله لعلكم تفلحون.
أخبرنا أبو السعود أحمد بن محمّد المجلي (٣) ، أنا محمّد بن محمّد بن أحمد ، نا عبد الله بن علي بن أيوب ، أنا أبو بكر أحمد بن محمّد (٤) بن الجراح ، أنا أبو بكر بن دريد ، قال : لما استكف (٥) الناس بالحسين ركب فرسه ثم استنصت الناس فأنصتوا له ، فحمد الله وأثنى عليه ، وصلّى على النبي صلىاللهعليهوسلم ثم قال :
تبا لكم أيتها الجماعة وترحا أحين استصرختمونا ولهين ، فأصرخناكم موجفين ، شحذتم علينا سيفا كان في أيماننا ، وحششتم (٦) علينا نارا فقد حناها على عدوكم وعدونا ، فأصبحتم إلبا على أوليائكم ، ويدا عليهم لأعدائكم بغير عدل رأيتموه بثوه فيكم ولا أصل (٧) أصبح أصل لكم فيهم ومن غير حدث كان منّا ، ولا رأي يفيّل (٨) فينا فهلا
__________________
(١) البرم : بالتحريك الضجر والملالة والسآمة.
(٢) بهامش الترجمة المطبوعة : طانجة ، بالجيم في إحدى النسخ.
(٣) بالأصل والترجمة المطبوعة : المحلي بالحاء المهملة خطأ ، والصواب ما أثبت المجلي بالجيم ، وضبطت اللفظة عن التبصير.
(٤) لفظتا «بن محمد» استدركتا عن هامش الأصل.
(٥) «أي أحاطوا به». وقد سقطت لفظة «الناس» من الأصل وكتبت فوق السطر بخط مغاير.
(٦) أي أوقدتم وهيجتم.
(٧) المطبوعة : أمل.
(٨) الأصل : «يقيل» والصواب ما أثبت ، أي يضعف ويقبح.