الحسين ، فكنا لا نبدو إلّا وجدنا رجلا من بني أسد هناك ، فقال له : إني أراك ملازما هذا المكان ، قال : بلغني أن حسينا يقتل هاهنا فأنا أخرج لعلّي أصادفه فأقتل معه.
فلما قتل الحسين ، قال أبي : انطلقوا ننظر هل الأسدي فيمن قتل ، وأتينا المعركة فطوّفنا فإذا الأسدي مقتول (١).
أخبرنا أبو القاسم محمود بن أحمد بن الحسن بن علي (٢) ـ بتبريز ـ أنا أبو الفضائل محمّد بن أحمد بن عمر بن الحسن بن يونس ـ بأصبهان ـ أنا أبو نعيم الحافظ ، نا عبد الله بن محمّد بن جعفر ، نا إسحاق بن أحمد الفارسي ، نا عبد الواحد بن محمّد ، نا أبو المنذر ، عن أبي مخنف (٣) ، عن أبي خالد الكاهلي ، قال : لما صبّحت الخيل الحسين بن علي رفع يديه فقال : اللهم أنت ثقتي في كل كرب ، ورجائي في كل شدّة ، وأنت لي في كل أمر نزل بي ثقة وعدة ، فكم من همّ يضعف فيه الفؤاد ، وتقل فيه الحيلة ، ويخذل فيه الصديق ، ويشمت فيه العدو ، فأنزلته بك ، وشكوته إليك رغبة فيك إليك عمن سواك ، ففرّجته وكشفته وكفيتنيه (٤) ، فأنت وليّ كل نعمة ، وصاحب كلّ حسنة ، ومنتهى كل غاية.
أخبرنا أبو الحسين محمّد بن محمّد بن الفراء ، وأبو غالب ، وأبو عبد الله ابنا البنّا ، قالوا : [أنبأنا أبو جعفر بن المسلمة ، أنبأنا أبو طاهر المخلص ، أنبأنا الزبير بن بكار ، قال : وحدّثني محمّد بن حسن قال :](٥) لما نزل عمر بن سعد بحسين وأيقن أنهم قاتلوه قام في أصحابه خطيبا فحمد الله وأثنى عليه ، ثم قال : قد نزل بنا ما ترون من الأمر ، وإن الدنيا قد تغيّرت وتنكّرت وأدبر معروفها واستمرّت حتى لم يبق منها إلّا صبابة كصبابة الإناء [و] إلا حشيش عكس (٦) كالمرعى الوبيل ، ألا ترون الحق لا يعمل به ، والباطل لا يتناهى عنه ، ليرغب المؤمن في لقاء الله ،
__________________
(١) الخبر نقله ابن العديم في بغية الطلب ٦ / ٢٦١٩.
(٢) في الترجمة المطبوعة : بن علي بن علي.
(٣) الخبر نقله الطبري (ط بيروت ٣ / ٣١٨) حوادث سنة ٦١ عن أبي مخنف ونقله الذهبي في سير الأعلام ٣ / ٣٠١ بحذف السند.
(٤) هذه اللفظة سقطت من الطبري.
(٥) ما بين معكوفتين سقط من الأصل واستدرك عن الترجمة المطبوعة.
(٦) كذا بالأصل وصوبها محقق الترجمة المطبوعة : وإلّا خسيس عيش.