ثم انصرف إلى بيت المقدس ، وانصرف على طريق الشام إلى بغداد ، وهو باقعة (١) في الحفظ لا يطيق مذاكراته أحد ، ثم انصرف إلى خراسان ووصل إلى وطنه ولا يفي بمذاكرته أحد من حفاظنا.
قال : وسمعت أبا علي يقول : قال لي أبو بكر محمّد بن إسحاق : يا أبا علي لقد أصبت في خروجك إلى العراق والحجاز ، فإن الزيادة على حفظك وفهمك ظاهرة ، ثم إن أبا علي أقام بنيسابور إلى سنة عشر وثلاثمائة يصنف ويجمع الشيوخ وله أبواب (٢) وجوّدها ثم حملها إلى بغداد سنة عشر ومعه أبو عمرو الصغير فأقام ببغداد وليس بها أحفظ منه إلّا أن يكون أبو بكر بن الجعابي ، فإني سمعت أبا علي يقول : ما رأيت من البغداديين أحفظ منه ، ثم إن أبا علي خرج إلى مكة ومعه أبو عمرو فحج وخرج إلى الرملة وأبو العباس محمّد بن الحسن بن قتيبة حيّ [ثم] انصرف أبو علي إلى دمشق ، ثم أن أبا علي جاء إلى حرّان وانتخب إلى أبي عروبة ثم إنّ أبا علي انصرف إلى بغداد وأقام بها حتى نقل ما استفاد من مصنفاته (٣) في تلك الرحلة ، وذاكر الحفاظ بها ، ثم إن أبا علي انصرف من العراق ولم يرحل بعدها إلّا إلى سرخس وطوس ونسا.
أنبأنا أبو المظفر القشيري وغيره : عن أبي سعيد (٤) محمّد بن علي بن محمّد الخشاب ، أنا أبو عبد الرّحمن السّلمي ، قال : وسألته ـ يعني الدار قطني ـ ، عن أبي علي الحافظ النّيسابوري ، فقال : مهذب إمام (٥).
سمعت أخي أبا الحسين هبة الله بن الحسن الفقيه ، يقول : سمعت أبا طاهر أحمد بن محمّد بن أحمد السّلفي يقول : سمعت أبا سهل غانم بن أحمد بن محمّد بن أحمد (٦) بن الحداد الأصبهاني ببغداد ، قال : سمعت أبا بكر محمّد بن الفضل بن محمّد الباطرقاني المقرئ بأصبهان ، قال : سمعت أبا عبد الله محمّد بن إسحاق بن مندة الحافظ ، يقول : سمعت أبا علي الحسين بن علي النّيسابوري ، وما رأيت أحفظ منه قال :
__________________
(١) الباقعة : الرجل الداهية ، والذكي العارف لا يفوته شيء ، ولا يدهي (القاموس المحيط).
(٢) في ابن العديم : ويجمع الشيوخ والأبواب.
(٣) ابن العديم : تصنيفاته.
(٤) تقرأ بالأصل : شعبة أو شعنة ، والصواب ما أثبت عن م ، ترجمته في سير الأعلام ١٧ / ١٥٠.
(٥) الخبر في ابن العديم ٦ / ٢٧١١.
(٦) قوله : «بن أحمد» سقط من ابن العديم ٦ / ٢٧١١.