السماع والأداء ومن (١) بيت الحديث.
سمع بنيسابور أبا بكر بن خزيمة ، وأبا العباس الثقفي وأكثر عن جماعتهم ، وسمع جده وكان أسند أهل عصره ، وأباه وكان من أصحاب مسلم بن الحجاج ، ورحل إلى العراق سنة إحدى وعشرين ، فسمع أبا عبد الله بن مخلد وطبقته ، ثم خرج إلى الشام فكتب عن أصحاب هشام بن عمّار وأقرانهم ، ثم دخل مصر وأكثر المقام بها ، وسمع أصحاب المزني وأقرانهم ، وصنّف المسند الكبير في ألف وثلاثمائة جزء مهذبا بالعلل ، وجمع حديث الزهري جمعا لم يسبقه إليه أحد ، وكان يحفظ حديث الزهري مثل الماء ، وصنّف المغازي والقبائل ، وكان عارفا بها ، وصنف أكثر المشايخ والأبواب وخرّج على كتاب البخاري ومسلم في الصحيح ، ولم يبلغ وقت الحاجة إليه ، نظرت أنا له في الزهري وفي الفوائد ومقدار مائة وخمسين جزءا من المسند ، وأدركته المنية رضياللهعنه قبل الحاجة إلى إسناده.
توفي رحمهالله يوم الثلاثاء التاسع من رجب وقت الظهر ، ودفن يوم الأربعاء العاشر منه بعد العصر من سنة خمس وستين وثلاثمائة ، وشهدت جنازته وصلّى عليه الفقيه أبو الحسن الماسرجسي ابن أخيه في ميدان الحسين ، ودفن في داره وهو ابن ثمان وستين سنة ، فإن مولده كان سنة ثمان وتسعين ومائتين ، ودفن علم كثير بدفنه.
وزاد غير زاهر عن البيهقي ، عن الحاكم ، قال : وشيخنا أبو علي سمع بنيسابور من جده أبي العباس (٢) ، وأبي بكر بن إسحاق وأقرانهما ، ثم دخل العراقين (٣) والحجاز ومصر والشام وانصرف على طريق الأهواز ، وجود عن مشايخ عصره في هذه الديار ، وجمع حديث الزهري حتى زاد فيه على محمّد بن يحيى ، وكان محمّد بن يحيى يعرف بالزهري ، فصار الماسرجسي الزهري الصغير ، ثم أفنى عمره في جمع المسند الكبير ، وعندي أنه لم يصنّف في الإسلام مسند أكثر منه ، فإنه وقع بخطه في ألف وثلاثمائة
__________________
(١) بالأصل : «من يثبت الحديث» والمثبت والزيادة عن لابن العديم ٦ / ٢٧٣٩.
(٢) اسمه أحمد بن محمد بن الحسين بن عيسى ، أبو العباس الماسرجسي النيسابوري ترجمته في سير الأعلام ١٤ / ٤٠٥.
(٣) بالأصل : العراقيين والصواب عن م.