عمارة (١) مولى جبريل ، وأبو عبد الله السّلمي أن أبا سلمة لما سلّم على أبي العباس بالخلافة ، قال له أبو حميد : على رغم أنفك يا ماصّ بظر أمه ، فقال له أبو العباس : مه.
فذكر (٢) علي بن محمّد أن جبلة بن فرّوخ قال : قال يزيد بن أسيد ، قال أبو جعفر : لما ظهر أبو العباس أمير المؤمنين سمرنا ذات ليلة ، فذكرنا ما صنع أبو سلمة ، فقال رجل منا : ما يدريك لعل ما صنع أبو سلمة كان عن رأي أبي مسلم! فلم ينطق منا أحمد ، فقال أبو العباس : لئن كان هذا عن رأي أبي مسلم إنّا بعرض بلاء إلّا أن يدفعه الله عنا وتفرقنا. فأرسل إليّ أبو العباس فقال : ما ترى؟ فقلت : الرأي رأيك ، فقلت : ليس منا أحد أخص بأبي مسلم منك ، فاخرج إليه حتى تعلم ما رأيه فليس يخفى عليك ، لو قد لقيته ، فإن كان عن رأيه احتلنا (٣) لأنفسنا ، وإن لم يكن عن رأيه طابت أنفسنا.
فخرجت على وجل ، فلما انتهيت إلى الري ، إذا صاحب الري قد أتاه كتاب من أبي مسلم : أنه بلغني أن عبد الله بن محمّد قد توجه إليك ، فإذا قدم فأشخصه ساعة يقدم عليك ، فلما قدمت أتاني عامل الري فأخبرني بكتاب أبي مسلم ، وأمرني بالرحيل ، فازددت وجلا وخرجت من الري وأنا حذر خائف ، فسرت فلما كنت بنيسابور إذا عاملها قد أتاني بكتاب أبي مسلم : إذا قدم عليك عبد الله بن محمّد فأشخصه ولا تدعه يقيم ، فإن أرضك أرض خوارج ولا آمن عليه فطابت نفسي ، وقلت : أراه يعنى بأمري. فسرت فلما كنت من مرو على فرسخين تلقاني أبو مسلم في الناس ، فلما دنا مني أقبل يمشي إليّ حتى قبّل يدي ، فقلت له : اركب فركب فدخلت مرو ، فنزلت دارا فمكثت ثلاثة أيام لا يسألني عن شيء ، ثم قال لي في اليوم الرابع : ما أقدمك؟ فأخبرته ، فقال : فعلها أبو سلمة! أكفيكموه! فدعا مرار بن أنس الضبي ، فقال : انطلق إلى الكوفة فاقتل أبا سلمة حيث لقيته ، وانته في ذلك إلى رأي الإمام. فقد مرار الكوفة فكان أبو سلمة يسمر عند أبي العباس فقعد في طريقه ، فلما خرج قتله وقالوا : قتله الخوارج.
قال علي : فحدّثني شيخ من بني سليم عن سالم ، قال : صحبت أبا جعفر من الري إلى خراسان وكنت حاجبه ، فكان أبو مسلم يأتيه فينزل على باب الدار ويجلس في
__________________
(١) الطبري : عمار.
(٢) الخبر في تاريخ الطبري ٧ / ٤٤٨.
(٣) الطبري : أخذنا لأنفسنا وفي م كالأصل.