الدهليز ، ويقول : استأذن لي ، فغضب أبو جعفر عليّ وقال لي : ويلك إذا رأيته فافتح له الباب ، وقل له يدخل على دابته ، ففعلت وقلت لأبي مسلم : إنه قال لي كذا وكذا ، قال : نعم ، أعلم ، فاستأذن لي عليه.
وقد قيل : إن أبا العباس قد كان تنكّر سلمة قبل ارتحاله من عسكره بالنّخيلة (١) ، ثم تحول عنه إلى المدينة الهاشمية ، فنزل قصر الإمارة بها ، وهو متنكر له ، قد عرف ذلك منه ، وكتب إلى أبي مسلم يعلمه رأيه ، وما كان همّ به من الغشّ وما نتخوف منه ، فكتب أبو مسلم إلى أمير المؤمنين : إن كان اطلع على ذلك منه فيقتله ، فقال داود بن علي لأبي العباس : لا تفعل يا أمير المؤمنين ، فيحتج عليك بها أبو مسلم وأهل خراسان الذين معك ، وحاله فيهم حاله ، ولكن اكتب إلى أبي مسلم فيبعث إليه من يقتله ، فكتب إلى أبي مسلم بذلك ، فبعث لذلك أبو مسلم مرّار بن أنس الضّبّي ، فقدم على أبي العباس في المدينة الهاشمية ، وأعلمه سبب قدومه ، فأمر أبو العباس [مناديا](٢) فنادى : إن أمير المؤمنين قد رضي عن أبي سلمة ودعاه وكساه ، ثم دخل عليه بعد ذلك ليلة ، فلم يزل عنده حتى ذهب عامة الليل ، ثم خرج منصرفا إلى منزله يمشي وحده ، حتى دخل الطاقات ، فعرض له مرّار بن أنس الضّبّي ، ومن كان معه من أعوانه فقتلوه ، وأغلقت أبواب المدينة ، وقالوا : قتل الخوارج أبا سلمة ثم أخرج من الغد ، وصلّى عليه يحيى بن محمّد بن علي ودفن في المدينة الهاشمية ، فقال سليمان بن المهاجر البجلي :
إن الوزير وزير آل محمّد |
|
أودى فمن يشناك كان وزيرا |
وكان يقال لأبي سلمة وزير آل محمّد ، ولأبي مسلم أمين آل محمّد.
ذكر أبو الحسين محمّد بن أحمد بن القواس ، أن أبا سلمة قتل بحمام أعين (٣) غيلة سنة اثنتين وثلاثين ومائة.
أخبرنا أبو غالب محمّد بن الحسن ، أنا أبو الحسن السيرافي ، أنا أحمد بن إسحاق النهاوندي ، نا أحمد بن عمران ، نا موسى بن زكريا ، نا خليفة بن خيّاط ،
__________________
(١) النخيلة : تصغير نخلة ، موضع قرب الكوفة على سمت الشام. (ياقوت).
(٢) زيادة عن الطبري.
(٣) بالكوفة ، ذكره في الأخبار مشهور ، منسوب إلى أعين مولى سعد بن أبي وقّاص. (ياقوت).