قائمة الکتاب

إعدادات

في هذا القسم، يمكنك تغيير طريقة عرض الكتاب
بسم الله الرحمن الرحيم

شرح الرضيّ على الكافية [ ج ٢ ]

شرح الرضيّ على الكافية [ ج ٢ ]

105/488
*

والوصف ، نحو : ما جاءني أحد إلا ظريف ، وما لقيت أحدا إلّا أنت خير منه ، وفيه وفي خبر المبتدأ نحو : ما زيد إلا قائم ، وفي الحال نحو : ما جاءني زيد إلا راكبا : إشكال ، لأن المعنى يكون ، إذن ، ما جاءني أحد متصف بصفة إلا بصفة الظرافة ، وما زيد متصف إلا بصفة القيام ، وما جاءني زيد على حال من الأحوال إلا على حال الركوب ، وهذا محال ، لأنه لا بدّ للمتصف بصفة الظرافة من الاتصاف بغيرها ، ولو لم يكن إلا التحيّز (١) ونحوه ، وكذا في الخبر والحال ؛

وذكر المصنف في حلّه وجهين : أحدهما : أن القصد بالحصر المبالغة في إثبات الوصف المذكور حتى كأنّ ما دونه في حكم العدم ؛ وثانيهما أنه نفي لما يمكن انتفاؤه من الوصف المضادّ للوصف المثبت ، لأنه معلوم أن جميع الصفات يستحيل انتفاؤها ؛

وقال المالكيّ (٢) في الصفة : انها صفة بدل محذوف ، أي : ما جاءني أحد إلا رجل ظريف ؛ ويمكن أن يقال مثله في الحال وخبر المبتدأ ، ولكن فيه نظر ، لأنه يلزمه أن يجوز النصب على الاستثناء ، كما لو ظهر موصوفه فتقول ما جاءني أحد إلا طويلا على الاستثناء ، ولم يسمع ؛

والفراء يجيز النصب على الاستثناء في المفرّغ نظرا إلى المقدر ، استدلالا بقوله :

٢٢١ ـ يطالبني عمّي ثمانين ناقة

وما لي يا عفراء إلا ثمانيا (٣)

ويجوز أن يريد : إلا ثمانية جمال ، فرخّم في غير النداء ضرورة ؛

__________________

(١) التحيز شغل الذات قدرا من الفراغ وهو أمر يشترك فيه كل جسم ؛

(٢) أشرت عند ذكر الرضي للمالكي أول مرة ، أن من الأمور التي جعلتني أرجح أنه يريد الأمام ابن مالك ، اشتهار الآراء التي ينسبها إلى «المالكي» وأنها معروفة عن ابن مالك ، وذكرت لذلك أمثلة ، ونبّهت على كل مثال في موضعه الذي يرد فيه ، وهذا أحد المواضع التي تقوّي ما ذهبت إليه ، فإن الرأي بأن مثل هذا مؤول بأنه صفة بدل محذوف ، مما هو معروف أنه رأى ابن مالك ، نقله عنه الدماميني ، كما نقله عن الأخفش وأبي عليّ الفارسي ، وانظر حاشية الصبان على الأشموني في باب الاستثناء ؛

(٣) قد ذكر الشارح وجها لتأويل البيت وإخراجه عن الاستشهاد به ، وفي خزانة الأدب للبغدادي ، قال عند الكلام على هذا البيت ، إنه قد تحرّف على من استشهد به ، لأنه من قصيدة نونية معروفة لعروة بن حزام ـ ـ العذري ، وعفراء محبوبته وصوابه : ومالي يا عفراء غير ثمان ، ثم أورد البغدادي القصيدة بروايات مختلفة كلها تشهد بصحة ما قال من التحريف ، وعلى ذلك يكون البيت جاريا على المعروف من القواعد ويخرج عن الاستدلال به ؛