بل قاعد ، أو لكن قاعد ، كما مرّ في خبر «ما» ، فالواجب الحمل عليه ، اجابة لداعي الضرورة ؛
هذا ، وفي رفع ما بعد «الّا» ، في نحو : لا أحد فيها إلا زيد ، وجهان : الإبدال من محلّ «لا أحد» ، والإبدال من الضمير المستكن في قولك «فيها» ، كما قلنا في نحو : ما رأيت أحدا يقول ذلك إلا زيد ، بالرفع ، ولا يمتنع النصب على الاستثناء ، لكنه ههنا أقلّ من النصب في نحو : ما جاءني أحد إلا زيدا ، لأن النصب على الاستثناء مطلقا ، أقلّ من البدل ، على ما تقدم ، وهو ، مع قلّته ، ملتبس بما لا يجوز من البدل على اللفظ في نحو : لا رجل فيها إلا زيد ، ولا يلتبس بالبدل غير الجائز في نحو : ما جاءني أحد إلا زيدا ؛ وأمّا في : ما رأيت أحدا إلا زيدا ، فإنه يلتبس ببدل جائز ؛ فعلى هذا ، لا يكاد يجيئ النصب في نحو : لا أحد فيها إلا زيدا ، إلّا في القليل ، قال الشاعر :
٢٢٢ ـ مهامها وخروقا لا أنيس بها |
|
إلا الضوابح والأصداء والبوما (١) |
وقال :
٢٢٣ ـ أمرتكم أمري بمنعرج اللوى |
|
ولا أمر للمعصيّ إلا مضيعا (٢) |
وقال الخليل : مضيّعا ، حال ، وجاز تنكير ذي الحال لكونه عامّا ، كأنه قال للمعصيّ أمر مضيّعا ؛
وأما نحو قولك : لا إله إلا الله ، ولا فتى إلا علي (٣) ، ولا سيف إلا ذو الفقار (٤) ،
__________________
(١) أحد أبيات قصيدة من المفضليات للأسود بن يعفر ، والبيت في وصف الناقة والأرض التي قطعتها وقبله : ـ والبيتان هما آخر القصيدة ؛
وسمحة المشي شملال قطعت بها |
|
أرضا يحاربها الهادون ديموما |
الهادون الأدلّاء الذين يرشدون السائرين لخبرتهم بالطرق ، والديموم الأرض القفرة.
(٢) للكلحبة العرنيّ ، من بني يربوع واسمه هبيرة بن عبد مناف ، وهو من أبيات سيبويه ج ١ ص ٣٧٢ ، وفي هذا الموضع عبارة الخليل التي نسبها إليه الشارح ؛
(٣) المراد به علي بن أبي طالب رضي الله عنه
(٤) ذو الفقار : سيف غنمه المسلمون في إحدى المعارك فصار إلى النبي صلّى الله عليه وسلّم ثم صار من بعده إلى علي كرّم الله وجهه ،