فالنصب على الاستثناء فيه ، أضعف منه في نحو : لا أحد فيها إلا زيدا ، لأن العامل فيه ، وهو خبر لا ، محذوف إما قبل الاستثناء وإمّا بعده ، وفي نحو : لا أحد فيها إلا زيدا ، ظاهر ، وهو خبر لا ؛
وممّا يقرب مما مرّ ، من جهة الحمل على المعنى ، قولهم ، وإن كان ضعيفا خبيثا ، على ما قال سيبويه (١) ، : إن أحدا لا يقول ذلك إلا زيد ، فتبدل زيدا من الضمير في يقول ، فترفعه ، أو من «أحدا» فتنصبه ، وإنما ضعف ، لأن لفظ أحد ، لا يستعمل في الموجب ، وإنما نفيت بعد أن أوجبت ، وإنما اغتفر ذلك مع ضعفه ، حملا على المعنى ، لأن المعنى : لا يقول ذلك أحد إلا زيدا ، كما جاز أن تقول : علمت زيد ، أبو من هو ، برفع زيد ، لمّا كان المعنى : علمت : أبو من زيد ، على ما يجيئ في أفعال القلوب ، فلما أجريته (٢) مجرى الواقع في حيّز المنفي جاز أن يكون «إلا زيدا» بدلا من لفظ «أحدا» ، كما جاز أن يكون نصبا على الاستثناء ، وإنما جاز ذلك ، لاختصاص «أحد» بغير الموجب ، فكأنه واقع في حيّز غير الموجب ؛ فلا يجوز أن تقول قياسا عليه : أما القوم فما رأيتهم إلا زيد ، بالرفع ، بدلا من القوم ، وإن كان القوم في المعنى ، في حيز النفي أيضا ، إذ المعنى ، ما رأيت القوم إلا زيدا ؛
__________________
(١) جاء ذلك في سيبويه ج ١ ص ٣٦٣ ، وقال بعد ذكر المثال : وهو ضعيف خبيث وعلل ذلك بما قاله الرضي ، ثم إن كثيرا من مسائل هذا الباب منقول بلفظه أو بمعناه عن سيبويه في باب الاستثناء في الجزء الأول ص ٣٥٩ وما بعدها ؛
(٢) أي الكلام المتقدم