وإن تأخرت عن المستثنى منه ، فلأحد المستثنيات ، سواء كان الذي ولي المستثنى منه أو غيره : النصب على الاستثناء ، أو الإبدال ، والباقي واجب النصب بعد الإبدال ، لأن المبدل منه مرة ، لا يبدل منه أخرى ، إذ صار بالإبدال منه أوّلا ، كالساقط ، ومثاله : ما جاءني أحد إلا زيد ، أو ، إلّا زيدا ، إلا عمرا إلا بكرا إلا خالدا ؛
وإن توسطها المستثنى منه ، فلما تقدم (١) عليه ، النصب على الاستثناء ، وواحد من المتأخرات جائز الإبدال ، والنصب على الاستثناء ، وباقيها واجب النصب بعد الإبدال ، نحو : ما جاءني إلا زيدا إلا عمرا أحد إلا بكر أو إلا بكرا إلا خالدا ؛
وإن كان الاستثناء مفرغا شغل العامل ببعضها ، أيّها كان ، ونصب ما سواه على الاستثناء ، لامتناع شغل العامل بأكثر من واحد ، وامتناع الإبدال ، أيضا (٢) ، فلم يبق إلا النصب على الاستثناء ، نحو : ما جاءني إلا زيد إلا عمرا إلا بكرا إلا خالدا ؛
ونقل عن الأخفش ، تجويز إضمار حرف العطف في مثله ، فيعطفه على ما اشتغل به الفعل ؛ وليس (٣) إضمار حرف العطف بالشيء المشهور ؛
واعلم أن (٤) في جميع هذه الأقسام ، من المفرغ وغيره ، مستثنياتها مخرجة ، من متعدد واحد ، ظاهر في غير المفرغ ، مقدر في المفرغ ، ففي قولك : ما جاءني أحد إلا زيدا إلا عمرا إلا خالدا ، زيد مخرج من أحد ، وعمرو مخرج مما بقي من أحد بعد إخراج زيد ، أي ما جاءني غير زيد إلا عمرا ؛ وخالد مخرج مما بقي من أحد بعد إخراج زيد وعمرو ، أي ما جاءني غير زيد وعمرو ، إلا خالدا ، فالكل مستثنى من المنفي الأول ، فيكون الكل مثبتا ؛
وكذا في المفرّغ ، نحو : ما جاءني إلا زيد إلا عمرا إلا خالدا ، عمرو ، مخرج من
__________________
(١) أي للمتقدّم على المستثنى منه : النصب.
(٢) لعدم وجود مبدل منه لأن الغرض أن الاستثناء مفرغ ؛
(٣) هذا ردّ على ما نقل عن الأخفش ،
(٤) اسم أن في مثل هذا التركيب ، ضمير شأن محذوف حتى يستقيم الكلام ، وما سوى ذلك يكون تكلفا ؛