المتعدد المقدر بعد خروج زيد ، وخالد مخرج منه بعد خروج زيد وعمرو ؛ وكذا لو كان الأول موجبا ، نحو : جاءني القوم إلا زيدا إلا عمرا إلا خالدا ، ولا يجوز التفريغ والإبدال ههنا ؛ أي جاءني غير زيد من جملة القوم إلا عمرا ، وجاءني غير زيد وعمرو من جملتهم إلا خالدا ، وكل المستثنيات ههنا منفية ؛
وإن كان المستثنى منه أكثر من واحد (١) ، فإن كان في غير الموجب لم يجز في ثاني المستثنيين إلا النصب على الاستثناء ، نحو : ما أكل أحد إلا الخبز إلا زيدا ، لأن النفي قد انتقض بالّا الأولى ، فهو استثناء من موجب ، والمعنى كل أحد أكل الخبز فقط إلا زيدا فإنه لم يأكله فقط ، بل أكل معه شيئا آخر ، أيضا ؛ فإن لم يذكر ما استثنى منه المستثنى الأول كما ذكرنا ، اشتغل العامل به كما رأيت ، وإن ذكرته جاز في المستثنى الأول : الإبدال ، والنصب على الاستثناء ، نحو : ما أكل أحد شيئا إلا الخبز إلا زيدا ؛
وإن كان الكلام موجبا ، فلا بدّ من ذكر المستثنى منهما ، لأن الموجب لا يفرغ ، على ما تقدم ، تقول : أكل القوم جميع الطعام إلا الخبز إلا زيدا ، والنصب واجب في أوّل المستثنيين ، لأنه عن موجب ، وأمّا ثانيهما فالقياس جواز إبداله ، ونصبه على الاستثناء ، لأنه في المعنى عن غير موجب بسبب نقض إلا لمعنى الإيجاب ، والمعنى : ما أكل القوم الخبز إلّا زيد وإلا زيدا ، وإن كان القوم في اللفظ في حيّز الإيجاب ؛
وسادسها : أن الجمل المعطوف بعضها على بعض بالواو ، إذا تعقّبها الاستثناء الصالح للجميع ، كقوله تعالى : (فَاجْلِدُوهُمْ ثَمانِينَ جَلْدَةً ، وَلا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهادَةً أَبَداً ..)(٢) الآية ، فما يقتضيه مذهب محققي البصرة ، وهو أن الجملة بكمالها عاملة في المستثنى عمل «عشرون» في الدرهم ، أو أن العامل معنى الفعل فيها : أن (٣) الجملة الأخيرة أولى بالعمل فيه ، فيكون من باب تنازع العاملين فصاعدا ، لمعمول واحد ، ولو كان العامل جميعها ، لزم حصول أثر
__________________
(١) أي من حيث الواقع ، ولا يكون مذكورا في اللفظ ، كما يفهم من بقية حديثه ،
(٢) الآية ٤ من سورة النور ، والاستثناء في الآية التالية لها ، وهي : إِلَّا الَّذِينَ تابُوا ...».
(٣) هذا خبر قوله : فما يقتضيه مذهب محققي البصرة ، وما بينهما اعتراض. بيّن فيه مذهب هؤلاء ؛