وربّما جرّ ما بعد «إن» أو ، «إن لا» مع ما بعد فائهما ، إن صح رجوع ضمير «كان» المقدر إلى مصدر ما عدّي بحرف الجر ، نحو : المرء مقتول بما قتل به : إن سيف فسيف ، أي إن كان قتله بسيف فقتله أيضا بسيف (١) ،
وحكي عن يونس : مررت برجل صالح ، إن لا صالح فطالح ، أي : إن لا يكن المرور بصالح فالمرور بطالح ، ومررت برجل : إن زيد وإن عمرو ، وذلك لقوّة الدلالة على الجارّ بتقدم ذكره ؛
فتبيّن بما ذكرنا ، أن النصب في الأول ، إمّا مختار ، أو واجب ، وأمّا الاسم الذي بعد الفاء فرفعه أولى ، لأن رفعه بإضمار مبتدأ بعد الفاء ، وهو شائع كثير ، وأمّا نصبه فإمّا بتقدير «كان» بعد الفاء ، أي : فيكون ما يقتل به سيفا ، أو بتقدير فعل لائق ؛ نحو : فيجزى خيرا ؛ وحذف المبتدأ أولى ، لأنه مفرد ، من حذف الجملة ، وأيضا ، حذف المبتدأ ، أكثر من حذف «كان» وغير ذلك من نحو الفعل الناصب المذكور ؛
وقيل : (٢) لأنّ مجيئ الفاء مع الجملة الاسمية أكثر منه مع الفعلية ، ويجوز أن يقال : إن مجيئ الفاء في الفعلية ، إنما يقلّ إذا كان الفعل ظاهرا ، وأمّا إذا كان مقدّرا فلا بدّ من الفاء ، نحو : إن ضربتني فزيدا ضربته ؛
فإذا ثبت أن نصب الأول ورفع الثاني أصل ، فعكسه يكون أقبح الوجوه لمخالفة الأصل في الموضعين ؛ ورفعهما ، ونصبهما ، متوسطان ، لمخالفة الأصل في موضع واحد ؛
قوله : «ويجب الحذف» ، أي : يجب حذف «كان» بعد «أن» معوّضا منها «ما» نحو قوله :
__________________
(١) أي إن كان القتل الذي وقع منه بسيف ، فالقتل الذي يقع عليه ، بسيف ،
(٢) هذا وجه آخر لبيان أرجحية رفع الثاني ، ولكن عقب عليه الرضي بما ينتقضه ؛