٢٤٠ ـ أبا خراشة أمّا أنت ذا نفر |
|
فإن قومي لم تأكلهم الضبع (١) |
أي لأن كنت ، فحذف حرف الجر ، جوازا على القياس المذكور في المفعول له ، ثم حذفت «كان» وأبدل منها «ما» فوجب الحذف ، لئلّا يجمع بين العوض والمعوّض منه ،
وأجاز المبرد ظهور «كان» على أن «ما» زائدة ، لا عوض ، ولا يستند ذلك إلى سماع ؛
ثم أدغم (٢) النون الساكنة في الميم وجوبا ، فبقي الضمير المرفوع المتصل بلا عامل يتصل به ، فجعل منفصلا ، فصار : أمّا أنت ؛ وتقول أيضا ، أمّا زيد قائما قمت ؛
وقال الكوفيون : «أن» المفتوحة ، بمعنى المكسورة الشرطية ، ويجوّزون مجيئ «أن» المفتوحة شرطية ، قالوا (٣) : القراءتان في قوله تعالى : (أَن تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا) (٤) ، أي فتح الهمزة وكسرها بمعنى واحد ، أي بمعنى الشرط ، و «ما» عندهم ، عوض من الفعل المحذوف ؛
ولا أرى قولهم بعيدا من الصواب ، لمساعدة اللفظ والمعنى إياه ، أمّا المعنى فلأن معنى قوله : أمّا أنت ذا نفر ... البيت : إن كنت ذا عدد ، فلست بفرد ، (٥) وأمّا اللفظ ، فلمجيئ الفاء في هذا البيت ؛
وفي قوله :
__________________
(١) أكل الضبع للناس ، كناية عن ضعفهم ، وذلك أن الناس إذا أجدبوا وقل طعامهم ضعفوا عن الدفاع عن أنفسهم وسقطت قواهم ، فتنتشر بينهم الضباع آمنة لا يستطيعون ردّها ، فتأكلهم ؛ والبيت للعباس بن مرداس السلمي ، يخاطب خفاف بن ندبة ، وكنيته أبو خراشة ، وهو أحد فرسان العرب ، وكانت بينه وبين العباس مهاجاة ؛
(٢) مرتبط بقوله : حذفت كان وأبدل منها الميم .. الخ ، واعترض بينهما بذكر رأي المبرد ؛
(٣) أي في الاستدلال على جواز مجيئها شرطية ،
(٤) الآية ٢٨٢ سورة البقرة ،
(٥) يعني إن كان عدد قومك كثيرا ، فليس عدد قومي قليلا ؛