فيكون الفصل بين المضاف والمضاف إليه كلا فصل ؛ فقيل لهم : ما الذي حملهم في هذه لإضافة على الفصل بين المضاف والمضاف إليه باللام المقحمة توكيدا دون سائر الإضافات المقدرة باللام ، أجابوا بأنهم قصدوا نصب هذا المضاف المعرّف ، بلا ، من غير تكريرها تخفيفا ، وحق المعارف المنفية بلا : الرفع مع تكرير «لا» ، ففصلوا بين المتضايفين لفظا ، حتى يصير المضاف بهذا الفصل ، كأنه ليس بمضاف ، فلا يستنكر نصبه وعدم تكرير «لا» ؛ والدليل على قصدهم (١) لهذا الغرض ، أنهم لا يعاملون هذه المعاملة : المنفيّ المضاف إلى النكرة ، فلا يقولون : لا أبا لرجل حاله كذا ، ولا غلامي لشخص نعته كذا ، والدليل على أنه مضاف ، قوله :
٢٥٩ ـ وقد مات شماخ ومات مزرّد |
|
وأيّ كريم لا أباك يخلّد (٢) |
فصرّح بالاضافة ، وهو شاذ ، لا يقاس عليه ، فلا يقال : لا أخاك ، و: لا يديك ، وقد جاء الفصل باللام المقحمة بين المضافين لهذا الغرض ، في المنادى ، وهو شاذ ، كقوله :
يا بؤس للجهل ضرارا بأقوام (٣) ـ ١٠١
قال المصنف : لا يجوز أن يكون مضافا حقيقة ، إذ لو كان كذا ، لكان معرفة ، فوجب رفعه وتكرير «لا» ؛ والجواب : لم يرفع ولم يكرر لكونه في صورة النكرة ، والغرض من الفصل باللام : ألّا يرفع ولا يكرّر (٤) ، فكيف يرفع ويكرر مع الفصل باللام ؛
وقال أيضا : لا أبا لك ، ولا أب لك ، سواء في المعنى اتفاقا ، و: لا أب لك ،
__________________
(١) أي قصد المتكلمين بهذا الكلام ،
(٢) المراد : شماخ بن ضرار الشاعر ، ومزرّد : أخوه ، وقوله يخلّد ، صوّب البغدادي أنه : يمتع من المتعة بالتاء أو يمنع من المنعة بالنون ، قال : لأن البيت من قصيدة لمسكين الدارمي ، ذكر فيها كثيرا ممّن ماتوا قبله وذكر أسماءهم وفيها مواعظ وحكم ، يقول فيها :
ولست بأحيا من رجال رأيتهم |
|
لكل امرئ منهم حمام ومصرع |
وقوله بأحيا ، أي بأطول حياة ؛
(٣) هذا شطر بيت للنابغة الذبياني وتقدم ذكره كاملا في الجزء الأول من هذا الشرح ص ٣٤٧
(٤) على البيان الذي نقله عن النحاة قريبا ؛